للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فعرض عليه الإسلام، فلم يسلم ولم يبعد عن الإسلام. وقال: يا محمد لو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوتهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك. فقال- صلى الله عليه وسلم-: «إنى أخشى أهل نجد عليهم» قال أبو براء: أنا لهم جار فابعثهم.

فبعث- عليه الصلاة والسلام- المنذر بن عمرو، ومعه القراء وهم سبعون- وقيل أربعون وقيل: ثلاثون-.

وقد بين قتادة فى روايته أنهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل، وفى رواية ثابت: يشترون به الطعام لأهل الصفة، ويتدارسون القرآن بالليل.

فساروا حتى نزلوا بئر معونة، بعثوا حرام بن ملحان بكتابه- صلى الله عليه وسلم- إلى عدو الله عامر بن الطفيل العامرى، ومات كافرا- وليس هو عامر بن الطفيل الأسلمى الصحابى- فلما أتاه لم ينظر فى كتابه حتى عدا على الرجل فقتله، ثم استصرخ عليهم بنى عامر فلم يجيبوه، وقالوا: لن نخفر أبا براء، وقد عقد لهم عقدا وجوارا، فاستصرخ عليهم قبائل من سليم: عصية ورعلا فأجابوه إلى ذلك، ثم خرجوا حتى غشوا القوم فأحاطوا بهم فى رحالهم، فلما رأوهم أخذوا سيوفهم وقاتلوهم حتى قتلوا إلى آخرهم، إلا كعب بن زيد فإنهم تركوه وبه رمق، فعاش حتى قتل يوم الخندق شهيدا «١» .

وأسر عمرو بن أمية الضمرى، فلما أخبرهم أنه من مضر أخذه عامر بن الطفيل وأعتقه عن رقبة زعم أنها كانت على أمه.

فلما بلغ النبى- صلى الله عليه وسلم- خبرهم، قال «هذا عمل أبى براء قد كنت لهذا كارها متخوفا» ، فبلغ ذلك أبا براء فمات أسفا على ما صنع عامر بن الطفيل «٢» .

وقتل عامر بن فهيرة يومئذ فلم يوجد جسده، دفنته الملائكة.


(١) انظر القصة فى «دلائل النبوة» للبيقهى (٣/ ٣٣٨- ٣٤٠) .
(٢) انظر المصدر السابق (٣/ ٣٤١) .