قال فى فتح البارى: قد جنح البخارى إلى أنها كانت بعد خيبر، واستدل لذلك بأمور، ومع ذلك فذكرها قبل خيبر، فلا أدرى: هل تعمد ذلك تسليما لأصحاب المغازى أنها كانت قبلها، أو أن ذلك من الرواة عنه، أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسما لغزوتين مختلفتين كما أشار إليها البيهقى. على أن أصحاب المغازى مع جزمهم بأنها كانت قبل خيبر مختلفون فى زمانها. انتهى.
والذى جزم به ابن عقبة تقدمها، لكن تردد فى وقتها: لا ندرى كانت قبل بدر أو بعدها؟ أو قبل أحد أو بعدها؟
قال الحافظ ابن حجر: وهذا التردد لا حاصل له، بل الذى ينبغى الجزم به أنها بعد غزوة بنى قريظة، لأن صلاة الخوف فى غزوة الخندق لم تكن شرعت، وقد ثبت وقوع صلاة الخوف فى غزوة ذات الرقاع. فدل على تأخرها بعد الخندق.
ثم قال عند قول البخارى:«وهى بعد خيبر» لأن أبا موسى جاء بعد خيبر، وإذا كان كذلك وثبت أن أبا موسى شهد غزوة ذات الرقاع لزم أنها كانت بعد خيبر.
قال: وعجبت من ابن سيد الناس كيف قال: جعل البخارى حديث أبى موسى هذا حجة فى أن غزوة ذات الرقاع متأخرة عن خيبر. قال: وليس فى خبر أبى موسى ما يدل على شىء من ذلك، انتهى كلام ابن سيد الناس.
قال: وهذا النفى مردود، والدلالة على ذلك واضحة كما قررته.
قال: وأما الدمياطى: فادعى غلط الحديث الصحيح، وأن جميع أهل السير على خلافه. وقد تقدم أنهم مختلفون فى زمانها. فالأولى الاعتماد على ما ثبت فى الصحيح.
وأما قول الغزالى: إنها آخر الغزوات. فهو غلط واضح، وقد بالغ ابن الصلاح فى إنكاره.