فبعث- صلى الله عليه وسلم- بريدة بن الحصيب الأسلمى يعلم علم ذلك، فأتاهم ولقى الحارث بن أبى ضرار وكلمه، ورجع إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
وخرج- صلى الله عليه وسلم- مسرعا فى بشر كثير من المنافقين، لم يخرجوا فى غزاة قط مثلها.
واستخلف على المدينة زيد بن حارثة. وقادوا الخيل، وكانت ثلاثين فرسا وخرجت عائشة وأم سلمة.
وبلغ الحارث ومن معه مسيره- عليه السّلام- فسىء بذلك هو ومن معه، وخافوا خوفا شديدا، وتفرق عنهم من كان معهم من العرب.
وبلغ- عليه السّلام- المريسيع، وصف أصحابه، ودفع راية المهاجرين إلى أبى بكر، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة، فتراموا بالنبل ساعة ثم أمر- عليه السّلام- أصحابه فحملوا حملة رجل واحد، وقتلوا عشرة وأسروا سائرهم، وسبوا النساء والرجال والذرية والنعم والشاء. ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد، كذا ذكره ابن إسحاق.
والذى فى صحيح البخارى من حديث ابن عمر يدل على أنه أغار عليهم على حين غفلة منهم فأوقع بهم ولفظه:«أغار على بنى المصطلق وهم غارون، وأنعامهم تستقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى ذراريهم وهم على الماء»«١» .
فيحتمل أن يكون حين الإيقاع بهم ثبتوا قليلا، فلما كثر فيهم القتل انهزموا بأن يكونوا لما دهمهم وهم على الماء وتصافوا وقع القتال بين الطائفتين، ثم بعد ذلك وقعت الغلبة عليهم.
قيل وفى هذه الغزوة نزلت آية التيمم. وفى الصحيحين من حديث
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٥٤١) فى العتق، باب: من ملك من العرب رقيقا، ومسلم (١٧٣٠) فى الجهاد والسير، باب: جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام من غير تقدم الإعلام بالإغارة.