للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ «١» ، وإنما أجرى ذلك فى معرض التهديد والإنكار.

وهى أيضا أن يجد حلاوة الإيمان. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: ١- أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما. ٢- وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله.

٣- وأن يكره أن يعود فى الكفر كما يكره أن يلقى فى النار» .

ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو القدوة الحسنة فى أقواله وأفعاله وأحواله.

يقول الله تعالى: لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً «٢» .

ويقول الشيخ الصاوى فى شرحه على تفسير الجلالين (الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واجب فى الأقوال والأفعال والأحوال لأنه لا ينطق عن هوى، ولا يفعل عن هوى بل جميع أفعاله وأقواله وأحواله عن ربه) .

لذا قال العارف:

وحصل بالهدى فى كل أمر ... فليس تشاء إلا ما يشاء

والله سبحانه وتعالى يقول فى سورة النجم: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى «٣» وإذا كان الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم واجبا فإن له شروطا لا يتأتى الاقتداء الصحيح إلا بتحقيقها، وقد ذكرت الآية الكريمة هذه الشروط. والشرط الأول منها:

أن يرجو الإنسان الله تعالى: ورجاء الله تعالى قد حذده الله سبحانه فى القرآن الكريم بقوله: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً «٤» فالعمل الصالح وعدم الشرك فى العبادة أمران لا زمان لمن كان يرجو لقاء الله فى صدق.

ويقول الإمام ابن كثير فى ذلك:

وهذا ركنا العمل المتقبل: لابد أن يكون خالصا لله، صوابا على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن طاوس قال: قال رجل: يا رسول الله إنى أقف الموقف أريد وجه الله، وأحب أن يرى موطنى. فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزلت هذه الآية: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً «٥» .

رجاء اليوم الآخر هو الشرط الثانى والتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يتمثل فى العمل لهذا اليوم حتى يلقى الله فيه وهو عنه راض.

ويصف الله سبحانه الذين لا يرجون لقاءه، ولا يرجون اليوم الآخر فيقول: إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧) أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «٦» .

والشرط الأخير فى الوصول إلى التأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذكر الكثير. ولقد سأل


(١) سورة التوبة: ٢٤.
(٢) سورة الأحزاب: ٢١.
(٣) سورة النجم: ٣، ٤.
(٤) سورة الكهف: ١١٠.
(٥) سورة الكهف: ١١٠.
(٦) سورة يونس: ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>