للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليلا فقلعت الأوتاد وألقت عليهم الأبنية وكفأت القدور وسفت عليهم التراب ورمتهم بالحصي، وسمعوا فى أرجاء معسكرهم التكبير وقعقعة السلاح فارتحلوا هرابا فى ليلتهم وتركوا ما استثقلوه من متاعهم. قال: فذلك قوله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها «١» .

وفى البخارى عن على أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال يوم الخندق: «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» «٢» ومقتضى هذا أنه استمر اشتغاله بقتال المشركين حتى غابت الشمس.

ويعارضه ما فى صحيح مسلم عن ابن مسعود أنه قال: حبس المشركون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس أو اصفرت، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «شغلونا عن الصلاة الوسطى» «٣» الحديث. ومقتضى هذا أنه لم يخرج الوقت بالكلية.

قال الشيخ تقى الدين بن دقيق العيد، الحبس انتهى إلى ذلك الوقت، أى الحمرة أو الصفرة، ولم تقع الصلاة إلا بعد المغرب انتهى.

وفى البخارى عن عمر بن الخطاب: أنه جاء يوم الخندق وجعل يسب كفار قريش قال: يا رسول الله، ما كدت أصلى حتى كادت الشمس أن تغرب فقال- صلى الله عليه وسلم-: «والله ما صليتها» ، فنزلنا مع النبى- صلى الله عليه وسلم- بطحان، فتوضأ للصلاة، وتوضأنا، فصلى العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب «٤» .


(١) سورة الأحزاب: ٩.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٩٣١) فى الجهاد والسير، باب: الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة، ومسلم (٦٢٧) فى المساجد، باب: التغليظ فى تفويت صلاة العصر.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٦٢٨) فى المساجد، باب: التغليظ فى تفويت صلاة العصر.
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٥٩٦) فى المواقيت، باب: من صلى بالناس جماعة بعد ذهاب الوقت، ومسلم (٦٣١) فى المساجد، باب: التغليظ فى تفويت صلاة العصر، من حديث جابر- رضى الله عنه-.