للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولحق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الناس والخيول عشاء، قال سلمة: فقلت يا رسول الله إن القوم عطاش، فلو بعثتنى فى مائة رجل استنقذت ما فى أيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم. فقال- صلى الله عليه وسلم-: «ملكت فأسجح» - وهى بهمزة قطع ثم سين مهملة ثم جيم مكسورة ثم حاء مهملة- أى فارفق وأحسن، والسجاحة: السهولة، أى لا تأخذ بالشدة بل ارفق. فقد حصلت النكاية فى العدو ولله الحمد. ثم قال: «إنهم ليقرون فى غطفان» «١» .

وذهب الصريخ إلى بنى عمرو بن عوف فجاءت الأمداد فلم تزل الخيل تأتى والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذى قرد فاستنقذوا عشر لقاح، وأفلت القوم بما بقى وهى عشر.

وصلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بذى قرد صلاة الخوف، وأقام يوما وليلة ورجع. وقد غاب خمس ليال، وقسم فى كل مائة من أصحابه جزورا ينحرونها.

سرية عكاشة بن محصن الأسدى إلى غمر مرزوق- بالغين المعجمة المفتوحة- وهو ماء لبنى أسد على ليلتين من فيد، فى شهر ربيع الأول سنة ست من الهجرة، فى أربعين رجلا، فخرج سريعا، فنذر به القوم- بكسر الذال المعجمة كفرح- فهربوا فنزلوا علياء بلادهم. فاستاقوا مائتى بعير وقدموا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ولم يلقوا كيدا.

ثم سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة «٢» - بالقاف والصاد المهملة المشددة المفتوحتين- موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلا، فى شهر ربيع الأول سنة ست من الهجرة. ومعه عشرة إلى بنى ثعلبة.

فورد عليهم ليلا فأحدق به القوم، وهم مائة رجل فتراموا ساعة من


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٤١) فى الجهاد والسير، باب: من رأى العدو فنادى بأعلى صوته: يا صبحاه، حتى يسمع الناس، ومسلم (١٨٠٦) فى الجهاد والسير، باب: غزوة ذى قرد وغيرها، من حديث سلمة بن الأكوع- رضى الله عنه-.
(٢) انظر ابن سعد فى «طبقاته» (٢/ ٨٥- ٨٦) ، و «شرح المواهب» ، للزرقانى (٢/ ١٥٤) .