للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وزاد أحمد: كان أبو هريرة يقول: ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشاورة لأصحابه من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «١» .

وفى رواية للبخارى: (حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبى- صلى الله عليه وسلم-:

«إن خالد بن الوليد بالغميم فى خيل لقريش طليعة، فخذوا ذات اليمين» ، فو الله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش) «٢» .

(وسار النبى- صلى الله عليه وسلم-، حتى إذا كان بالثنية التى يهبط عليهم منها بركت راحلته، فقال الناس: حل حل فألحت- يعنى تمادت على عدم القيام- فقالوا:

خلأت القصواء خلأت القصواء. فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل» «٣» .

أى حبسها الله عن دخول مكة كما حبس الفيل عن دخولها، ومناسبة ذلك أن الصحابة لو دخلوا مكة على تلك الصورة، وصدتهم قريش لوقع بينهم القتال المفضى إلى سفك الدماء ونهب الأموال، كما لو قدر دخول الفيل، لكن سبق فى علم الله أنه سيدخل فى الإسلام منهم خلق، ويستخرج من أصلابهم ناس يسلمون ويجاهدون. انتهى.

ثم قال- صلى الله عليه وسلم-: «والذى نفسى بيده، لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها» .

(ثم زجرها فوثبت. قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء- يعنى حفرة فيها ماء قليل- يتبرضه الناس تبرضا- أى يأخذونه قليلا قليلا- فلم يلبثه الناس حتى نزحوه، وشكى إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- العطش، فانتزع سهما من كنانته، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فو الله ما زال يجيش لهم بالرى حتى صدروا عنه) .


(١) أخرجه أحمد فى «مسنده» (٤/ ٣٢٨) ضمن حديث طويل.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٧٣١ و ٢٧٣٤) فى الشروط، باب: الشروط فى الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب.
(٣) صحيح: وهو تتمة الحديث السابق الذى فى البخارى.