أي غدر، ألست أسعى فى غدرتك؟ وكان المغيرة صحب قوما فى الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه فى شىء» .
(ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبى- صلى الله عليه وسلم- بعينيه، قال: فو الله ما تنخم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له) .
قال فى فتح البارى: فيه إشارة إلى الرد على ما خشيه من فرارهم، فكأنهم قالوا بلسان الحال: من يحبه هذه المحبة ويعظمه هذا التعظيم كيف يظن أنه يفر عنه ويسلمه لعدوه، بل هم أشد اغتباطا به وبدينه ونصره من هذه القبائل التى تراعى بعضها بمجرد الرحم والله أعلم. انتهى.
قال:(فرجع عروة إلى أصحابه فقال أي قوم. والله لقد وفدت على الملوك، ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشى، والله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له. وإنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها) .
فقال رجل من بنى كنانة: دعونى آته، فقالوا ائته، فلما أشرف على النبى- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «هذا فلان، وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له» ، فبعثت له واستقبله الناس يلبون، فلما رأى ذلك قال: سبحان الله ما ينبغى لهؤلاء أن يصدوا عن البيت، فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت وأشعرت، فما أرى أن يصدوا عن البيت.
(فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص، فقال دعونى آته.. فلما