وفى رواية غيره: جعلت زينب بنت الحارث امرأة ابن مشكم تسأل أى الشاة أحب إلى محمد فيقولون الذراع فعمدت إلى عنز لها فذبحتها وصلتها، ثم عمدت إلى سم لا يبطىء- يعنى لا يلبث أن يقتل من ساعته- وقد شاورت يهود فى سموم فاجتمعوا لها على هذا السم بعينه، فسمت الشاة وأكثرت فى الذراعين والكتف، فوضعت بين يديه ومن حضر من أصحابه، وفيهم بشر بن البراء، وتناول- صلى الله عليه وسلم- الذراع فانتهس منها، وتناول بشر بن البراء عظاما آخر، فلما ازدرد- صلى الله عليه وسلم- لقمته، ازدرد بشر بن البراء ما فى يده وأكل القوم، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «ارفعوا أيديكم، فإن هذه الذراع تخبرنى أنها مسمومة» . وفيه: أن بشر بن البراء مات، وفيه أنه دفعها- صلى الله عليه وسلم- إلى أولياء بشر بن البراء فقتلوها. رواه الدمياطى.
وقد اختلف هل عاقبها- صلى الله عليه وسلم-؟:
فعند البيهقى من حديث أبى هريرة: فأعرض عنها، ومن طريق أبى نضرة عن جابر نحوه قال: فلم يعاقبها. وقال الزهرى: أسلمت فتركها «١» .
قال البيهقى: يحتمل أن يكون تركها أولا ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها. وبذلك أجاب السهيلى وزاد: أنه تركها لأنه كان لا ينتقم لنفسه، ثم قتلها ببشر قصاصا.
ويحتمل أن يكون تركها لكونها أسلمت. وإنما أخر قتلها حتى مات بشر، لأن بموته يتحقق وجوب القصاص بشرطه.
وفى مغازى سليمان التيمى: أنها قالت: إن كنت كذابا أرحت الناس منك. وقد استبان لى الآن أنك صادق وأنا أشهدك ومن حضر أنى على دينك وألاإله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، قال: فانصرف عنها حين أسلمت. وفيه: موافقة الزهرى على إسلامها، فالله أعلم.
وفى هذه الغزوة أيضا: نام- صلى الله عليه وسلم- عن صلاة الفجر، لما وكل به بلالا
(١) قلت: فى الصحيحين أنه قيل له: ألا نقتلها؟ قال: لا. أخرجه البخارى (٢٦١٧) فى الهبة، باب: قبول الهدية من المشركين، ومسلم (٢١٩٠) فى السلام، باب: السم، من حديث أنس- رضى الله عنه-.