رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصبح هذا المنزل غدا- إن شاء الله تعالى-. فأتوا قريشا فأخبروهم ففزعوا.
ونزل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بمر الظهران وقدم السلاح إلى بطن يأجج كيسمع وينصر ويضرب- موضع بمكة، حيث ينظر إلى أنصاب الحرم، وخلف عليه أوس بن خولى الأنصارى فى مائتى رجل.
وخرجت قريش من مكة إلى رؤس الجبال.
وقدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الهدى أمامه، فحبس بذى طوى، وخرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على راحلته القصواء، والمسلمون متوشحون السيوف محدقون برسول الله- صلى الله عليه وسلم- يلبون، فدخل من الثنية التى تطلعه على الحجون، وابن رواحة آخذ بزمام راحلته.
وفى رواية الترمذى فى الشمائل، من حديث أنس أنه- صلى الله عليه وسلم- دخل مكة فى عمرة القضاء وابن رواحة يمشى بين يديه وهو يقول:
خلوا بنى الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله
فقال له عمر: يا بن رواحة بين يدى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- تقول شعرا؟
فقال- صلى الله عليه وسلم-: «خل عنه يا عمر، فلهى أسرع فيهم من نضح النبل»«١» .
ورواه عبد الرزاق من حديث أنس أيضا من وجهين بلفظ
خلوا بنى الكفار عن سبيله ... قد أنزل الرحمن فى تنزيله
بأن خير القتل فى سبيله ... نحن قتلناكم على تأويله
كما قتلناكم على تنزيله
(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٢٨٤٧) فى الأدب، باب: ما جاء فى إنشاد الشعر، والنسائى (٥/ ٢٠٢) فى المناسك، باب: إنشاد الشعر فى الحرم، وابن حبان فى «صحيحه» (٥٧٨٨) ، وابن خزيمة فى «صحيحه» (٢٦٨٠) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن النسائى» .