وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ويخرجون إلى معسكر بالجرف.
فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله- صلى الله عليه وسلم- وجعه، فدخل أسامة من معسكره والنبى- صلى الله عليه وسلم- مغمور، وهو اليوم الذى لدوه فيه، فطأطأ أسامة فقبله، ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا يتكلم، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعها على أسامة. قال أسامة: فعرفت أنه يدعو لى، ورجع أسامة إلى معسكره.
ثم دخل يوم الاثنين وأصبح- صلى الله عليه وسلم- مفيقا، فودعه أسامة وخرج إلى المعسكر، فأمر الناس بالرحيل. فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاء يقول: إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يموت. فأقبل هو وعمر وأبو عبيدة.
فتوفى- صلى الله عليه وسلم- حين زاغت الشمس لاثنتى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول.
واستشكله السهيلى ومن تبعه، وذلك: أنهم اتفقوا على أن ذا الحجة كان أوله يوم الخميس، فمهما فرضت الشهور الثلاثة: توامّ أو نواقص، أو بعضها، لم يصح.
قال الحافظ ابن حجر: وهو ظاهر لمن تأمله.
وأجاب البارزى ثم ابن كثير: باحتمال وقوع الأشهر الثلاثة كوامل، وكان أهل مكه والمدينة اختلفوا فى رؤية هلال ذى الحجة، فرآه أهل مكة ليلة الخميس، ولم يره أهل المدينة إلا ليلة الجمعة، فحصلت الوقفة برؤية أهل مكة، ثم رجعوا إلى المدينة فأرخوا برؤية أهلها. وكان أول ذى الحجة الجمعة وآخره السبت، وأول المحرم الأحد وآخره الاثنين وأول صفر الثلاثاء وآخره الأربعاء، وأول ربيع الأول الخميس، فيكون ثانى عشر الاثنين.
قال: وهذا الجواب بعيد، من حيث إنه يلزم منه توالى أربعة أشهر كوامل، وقد جزم سليمان التيمى أحد الثقات: بأن ابتداء مرضه كان يوم السبت الثانى والعشرين من صفر، ومات يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع