للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما «المقفى» فكذلك، أى: قفا آثار من سبقه من الرسل، وهى لفظة مشتقة من «القفو» يقال: قفاه يقفوه إذا تأخر عنه، ومنه قافية الرأس، وقافية البيت، فالمقفى المقفى: الذى قفا من قبله من الرسل فكان خاتمهم وآخرهم.

وأما «الأول» فلأنه أول النبيين خلقا- كما مر- وكما أنه أول فى البدء فهو أول فى العود، فهو أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يدخل الجنة، وهو أول شافع وأول مشفع، كما كان فى أوليات البدء فى عالم الذر أول مجيب، إذ هو أول من قال: بلى، إذ أخذ ربه الميثاق على الذرية الآدمية، فأشهدهم على أنفسهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ «١» فهو- صلى الله عليه وسلم- الأول فى ذلك كله على الإطلاق.

وأما «الآخر» فلأنه آخر الأنبياء فى البعث كما فى الحديث.

وأما «الظاهر» فلأنه ظهر على جميع الظاهرات ظهوره، وظهر على الأديان دينه، فهو الظاهر فى وجوه الظهور كلها.

وأما «الباطن» فهو المطلع على بواطن الأمور بواسطة ما يوحيه الله تعالى إليه.

وأما «الفاتح الخاتم» ففى حديث الإسراء عن أبى هريرة من طريق الربيع ابن أنس قوله تعالى له: «وجعلتك فاتحا وخاتما» . وفى حديث أبى هريرة رضى الله عنه- أيضا وفى الإسراء، قوله- صلى الله عليه وسلم-: «وجعلنى فاتحا وخاتما» «٢» . فهو الذى فتح الله به باب الهدى بعد أن كان مرتجّا، وفتح به أعينا عميا، وآذانا صمّا، وقلوبا غلفا، وفتح أمصار الكفر، وفتح به أبواب الجنة، وفتح به طرق العلم النافع والعمل الصالح، والدنيا والآخرة، والقلوب والأسماع والأبصار والإبصار.


(١) سورة الأعراف: ١٧٢.
(٢) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (١/ ٦٩) ضمن حديث طويل جدّا وقال رواه البزار ورجاله موثقون إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبى العالية أو غيره فتابعيه مجهول.