فلما سمعت هذه المواهب آذان قلوب أولى الألباب، تلفتت عيون أعيانهم لتلخيص خلاصة جوهر هذا الخطاب، فى سفر يسفر عن وجه المنح النبوية منيع النقاب، فثنيت عنان القلم إلى تحصيل ماربهم، وتسطير مطالبهم، جانحا صوب الصواب، مودعا ما كان مستودعا لى فى غيابات الغيب فى هذا الكتاب، مستعينا فى ذلك بالقوى الوهاب، حتى أتاح الله لى ذلك، وتمم ما هنا لك، فأوضحت ما خفى من الدليل، ومهدت ما توعر من السبيل.
وسميته:«المواهب اللدنية بالمنح المحمدية» ورتبته على عشرة مقاصد تسهيلا للسالك والقاصد:
المقصد الأول: فى تشريف الله تعالى له- عليه السّلام- بسبق نبوته فى سابق أزليته، ونشره منشور رسالته فى مجلس مؤانسته، وكتبه توقيع عنايته فى حظائر قدس كرامته، وطهارة نسبه وبراهين أعلام آيات حمله وولادته ورضاعه وحضانته، ودقائق حقائق بعثته وهجرته، ولطائف معارف مغازيه وسراياه وبعوثه وسيرته، مرتبا على السنين من حين نشأته إلى وقت وفاته ونقلته لرياض روضته.
المقصد الثانى: فى ذكر أسمائه الشريفة المنبئة عن كمال أخلاقه المنيفة، وأولاده الكرام الطاهرين وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين، وأعمامه وإخوته من الرضاعة، وجداته وخدمه ومواليه وحرسه، وكتّابه وكتبه إلى أهل الإسلام فى الشرائع