للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعوة إليه، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا «١» ، وقال:

فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ

«٢» ولو كان له اسم أشرف منه لسماه به فى تلك الحالات العلية.

ولما رفعه الله تعالى إلى حضرته السنية، ورقاه إلى أعلى المعالى العلوية، ألزمه- تشريفا له- اسم العبودية، وقد كان- صلى الله عليه وسلم- يجلس للأكل جلوس العبد، وكان يتخلى عن وجوه الترفعات كلها فى ملبسه ومأكله ومبيته ومسكنه إظهارا لظاهر العبودية فيما يناله العيان، صدقا عما فى باطنه من تحقيق العبودية لربه تحقيقا لمعنى وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ «٣» .

ولما خير بين أن يكون نبيّا ملكا، أو نبيّا عبدا، اختار أن يكون نبيّا عبدا، فاختار ما هو الأتم، وكان- صلى الله عليه وسلم- يقول كما فى الصحيح: «لا تطرونى كما أطرت النصارى عيسى، ولكن قولوا عبد الله ورسوله» «٤» فاستثبت ما هو ثابت له، وأسلم لله ما هو له لا لسواه، وليس للعبد إلا اسم العبد، ولذا كان «عبد الله» أحب الأسماء إلى الله تعالى.


(١) سورة الإسراء: ١.
(٢) سورة النجم: ١٠.
(٣) سورة الزمر: ٣٣.
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (٣٤٤٥) فى أحاديث الأنبياء، باب: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها، من حديث عمر- رضى الله عنه-.