للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باكيا قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب، وضعه فى القبلة ثم وقف على جنازته وانتحب حتى نشغ من البكاء يقول: «يا حمزة يا عم رسول الله وأسد الله وأسد رسوله، يا حمزة يا فاعل الخيرات، يا حمزة يا كاشف الكربات، يا حمزة يا ذابّا عن وجه رسول الله» «١» .

والنشغ: الشهيق حتى يبلغ به الغشى.

وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا صلى على جنازة كبر عليها أربعا، وكبر على حمزة سبعين تكبيرة، رواه البغوى فى معجمه. وقد روى أنس بن مالك أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم «٢» . خرجه أحمد وأبو داود.

فيحمل أمر حمزة على التخصيص، ومن صلى عليه عليه أنه جرح حال الحرب ولم يمت حتى انقضت الحرب. وكان سن حمزة يوم قتل تسعا وخمسين سنة، ودفن هو وابن أخته عبد الله بن جحش فى قبر واحد.

وأما العباس وكنيته أبو الفضل، فأمه نتلة، ويقال نتيلة بنت جناب بن كلب بن النمر بن قاسط، ويقال: إنها أول عربية كست البيت الحرام الديباج وأصناف الكسوة، لأن العباس ضل وهو صبى، فنذرت إن وجدته أن تكسو البيت.

وكان العباس جميلا وسيما أبيض، له ضفيرتان، معتدلا وقيل كان طوالا، وولد قبل الفيل بثلاث سنين، وكان أسن من النبى- صلى الله عليه وسلم- بسنتين أو ثلاث، وكان رئيسا فى قريش وإليه عمارة المسجد الحرام.

وكان مع النبى- صلى الله عليه وسلم- يوم العقبة يعقد له البيعة على الأنصار، وكان عليه السّلام- يثق به فى أمره كله. ولما شدوا وثاقه فى أسرى بدر سهر- صلى الله عليه وسلم- تلك الليلة، فقيل: ما يسهرك يا رسول الله؟ قال: «لأنين العباس» فقام رجل


(١) لم أقف عليه، ولا أظنه يثبت عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٣١٣٥- ٣١٣٧) فى الجنائز، باب: فى الشهيد يغسل، وهو عند البخارى (١٣٤٣) فى الجنائز، باب: الصلاة على الشهيد، ولكن من حديث جابر ابن عبد الله- رضى الله عنهما-.