للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عائشة- رضى الله عنها- قالت: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يرى فى الظلماء كما يرى فى الضوء «١» . رواه البيهقى.

وعن أبى هريرة أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «هل ترون قبلتى هاهنا، فو الله ما يخفى على ركوعكم ولا سجودكم، إنى لأراكم من وراء ظهرى» «٢» . رواه البخارى ومسلم.

وعند مسلم من رواية أنس أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «أيها الناس، إنى أمامكم فلا تسبقونى بالركوع ولا بالسجود، فإنى أراكم من أمامى ومن خلفى» «٣» .

وعن مجاهد: فى قوله تعالى الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ

«٤» قال: كان- صلى الله عليه وسلم- يرى من خلفه من الصفوف، كما يرى من بين يديه «٥» ، رواه الحميدى فى مسنده، وابن المنذر فى تفسيره.

وهذه الرؤية رؤية إدراك: والرؤية لا تتوقف على وجود آلتها التى هى العين- عند أهل الحق- ولا شعاع ولا مقابلة، وهذا بالنسبة إلى القديم «٦» العالى، أما المخلوق فتتوقف صفة الرؤية فى حقه على الحاسة والشعاع والمقابلة بالاتفاق، ولهذا كان خرق عادة فى حقه- صلى الله عليه وسلم-، وخالق البصر فى العين قادر على خلقه فى غيرها.

قال الحرالى: وهذه الآية قد جعلها الله تعالى دالة على ما فى حقيقة أمره فى الاطلاع الباطن لسعة علمه، ومعرفته لما عرف بربه لا بنفسه أطلعه


(١) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٦/ ٧٥) .
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٤١٨) فى المساجد، باب: عظة الإمام الناس فى إتمام الصلاة، ومسلم (٤٢٤) فى المساجد، باب: الأمر بتحسين الصلاة وإتمامها والخشوع فيها.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٤٢٦) فى المساجد، باب: تحريم سبق الإمام بركوع أو سجود أو نحوهما.
(٤) سورة الشعراء: ٢١٨، ٢١٩.
(٥) مرسل: أخرجه الحميدى فى «مسنده» (٩٦٢) عن مجاهد مرسلا.
(٦) الأولى أن يقال (الأول) كما نطق القرآن، ولا أعلم سبب العدول من الأول إلى القديم، مع العلم بأن اللفظ القرآنى أدل على المعنى عن غيره من الألفاظ المحدثة، والله المستعان.