للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: إنما بال قائما لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت، ففعل ذلك لكونه قريبا من الديار، ويؤيده ما رواه عبد الرزاق عن عمر- رضى الله عنه- قال: البول قائما أحصن للدبر «١» .

وقيل السبب فى ذلك ما روى الشافعى وأحمد: أن العرب كانت تستشفى لوجع الصلب بذلك فلعله كان به. وروى الحاكم والبيهقى من حديث أبى هريرة قال: إنما بال- صلى الله عليه وسلم- قائما لجرح كان بمأبضه «٢» .

والمأبض: بهمزة ساكنة بعدها موحدة ثم معجمة: باطن الركبة.

فكأنه لم يتمكن لأجله من القعود، ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى عن جميع ما تقدم ولكن ضعفه الدار قطنى والبيهقى، والأظهر: أنه فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر أحواله البول من قعود.

وقيل إن البول عن قيام منسوخ واستدل عليه بحديث عائشة المتقدم.

والصواب: أنه غير منسوخ، والجواب عن حديث عائشة أنه مستند إلى علمها فيحمل على ما وقع منه فى البيوت، وأما غير البيوت فلم تطلع عليه، وقد حفظه حذيفة، وهو من كبار الصحابة، وهو جائز من غير كراهة إذا أمن الرشاش.

وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يدخل الخلاء قال: «اللهم إنى أعوذ بك من الخبث والخبائث» «٣» . رواه البخارى من حديث أنس. والخبث: - بضم المعجمة والموحدة- ومراده: ذكران الشياطين وإناثهم. وقد كان- صلى الله عليه وسلم- يستعيذ إظهارا للعبودية، ويجهر بذلك للتعليم. وهل يختص هذا الذكر بالأبنية المعدة لذلك لكونه حضرة الشياطين، أو يعم؟ الأصح الثانى. ويقول


(١) ضعيف: ذكره الهيثمى فى «المجمع» (١/ ٢٥٧) وقال: رواه الطبرانى فى «الكبير» ، وفيه الفضل بن المختار، وهو منكر الحديث يحدث بالأباطيل.
(٢) أخرجه الحاكم فى «المستدرك» (١/ ٢٩٠) ، والبيهقى فى «الكبرى» (١/ ١٠١) .
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (١٤٢) فى الوضوء، باب: ما يقال عند الخلاء، ومسلم (٣٧٥) فى الحيض، باب: ما يقول إذا أراد دخول الخلاء.