للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لاجتماع مكارم الأخلاق فيه، قال- صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الطبرانى فى الأوسط بسند فيه عمر بن إبراهيم المقدسى وهو ضعيف- عن جابر: «إن الله بعثنى بتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الأفعال» «١» ، وفى رواية مالك فى الموطأ بلاغا: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» «٢» . فجميع الأخلاق الحميدة كلها كانت فيه- صلى الله عليه وسلم-، فإنه أدب بالقرآن، كما قالت عائشة- رضى الله عنها-: (كان خلقه القرآن) «٣» .

قال بعض العارفين: وقد علم أن القرآن فيه المتشابه الذى لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون فى العلم يقولون آمنا به، أى أقررناه فى نصابه، وأقررنا به من خلف حجابه، وتقلدنا سيف الحجة به ولكن فى قرابه.

وما كونه مما تحصل مقلة ... ولا حده مما تحس الأنامل

وقال صاحب عوارف المعارف: ولا يبعد أن قول عائشة- رضى الله عنها-: (كان خلقه القرآن) فيه رمز غامض، وإيماء خفى إلى الأخلاق الربانية، فاحتشمت الحضرة الإلهية أن تقول: كان متخلقا بأخلاق الله تعالى فعبرت عن المعنى بقولها: (كان خلقه القرآن) استحياء من سبحات الجلال وسترا للحال بلطف المقال، وهذا من وفور عقلها وكمال أدبها. انتهى.

فكما أن معانى القرآن لا تتناهى فكذلك أوصافه الجميلة الدالة على خلقه العظيم لا تتناهى إذ فى كل حالة من أحواله يتجدد له من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم وما يفيضه الله تعالى عليه من معارفه وعلومه ما لا يعلمه إلا الله تعالى. فإذا التعرض لحصر جزئيات أخلاقه الحميدة تعرض لما ليس من مقدور الإنسان، ولا من ممكنات عاداته.

قال الحرالى- وهو كما فى القاموس: بتشديد اللام، نسبة إلى قبيلة


(١) إسناده ضعيف: ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٨/ ١٨٨) عن جابر وقال: رواه الطبرانى فى الأوسط، وفيه عمر بن إبراهيم القرشى، وهو ضعيف.
(٢) ضعيف: أخرجه مالك فى «الموطأ» (٢/ ٩٠٤) بلاغا.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٧٤٦) فى صلاة المسافرين، باب: جامع صلاة الليل.