«الطخى وجهها» فلطخت بها وجهى فضحك- صلى الله عليه وسلم- الحديث رواه ابن غيلان من حديث الهاشمى وخرجه الملاء فى سيرته. والخزيرة: لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق.
وبالجملة؛ فمن تأمل سيرته- صلى الله عليه وسلم- مع أهله وأصحابه وغيرهم من الفقراء والأيتام والأرامل والأضياف والمساكين، علم أنه قد بلغ من رقة القلب ولينه الغاية التى لا مرمى وراءها لمخلوق. وإن كان يشتد فى حدود الله وحقوقه ودينه، حتى قطع يد السارق، إلى غير ذلك.
وقد كان- صلى الله عليه وسلم- يباسط أصحابه بما يولج حبه فى القلوب، كان له رجل من البادية يسمى زهيرا، وكان يهادى النبى- صلى الله عليه وسلم- بموجود البادية بما يستطرف منها، وكان- صلى الله عليه وسلم- يهاديه ويكافئه بموجود الحاضرة وبما يستطرف منها، وكان- صلى الله عليه وسلم- يقول:«زهير باديتنا، ونحن حاضرته» وكان- صلى الله عليه وسلم- يحبه، فمشى- صلى الله عليه وسلم- يوما إلى السوق فوجده قائما، فجاء من قبل ظهره وضمه بيده إلى صدره فأحس زهير أنه رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، قال: فجعلت أمسح ظهرى فى صدره رجاء بركته.
وفى رواية الترمذى فى الشمائل: فاحتضنه من خلفه ولا يبصره، فقال أرسلنى، من هذا؟ فالتفت فعرف النبى- صلى الله عليه وسلم- فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدر النبى- صلى الله عليه وسلم- حين عرفه، فجعل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول:«من يشترى العبد» فقال له زهير: يا رسول الله، إذن تجدنى كاسدا، فقال- صلى الله عليه وسلم-: «أنت عند الله غال» ، وفى رواية للترمذى أيضا:«لكن عند الله لست بكاسد» ، أو قال:«أنت عند الله غال»«١» .
وأخرج أبو يعلى عن زيد بن أسلم أن رجلا كان يهدى للنبى- صلى الله عليه وسلم- العكة من السمن والعسل، فإذا جاء صاحبه يتقاضاه جاء به إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-
(١) أخرجه الترمذى فى «الشمائل» (١٢١) ، وأحمد فى «المسند» (٣/ ١٦١) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٥٧٩٠) ، والبيهقى فى «الكبرى» (٦/ ١٦٩) ، من حديث أنس- رضى الله عنه-.