إلى اليمن بقومه، فلم تزل زمزم من ذلك العهد مجهولة إلى أن رفعت عنها الحجب برؤيا منام رآها عبد المطلب، دلته على حفرها بأمارات عليها.
فمنعته قريش من ذلك، ثم آذاه من السفهاء من آذاه، فاشتد بذلك بلواه، ومعه ولده الحارث ولم يكن له ولد سواه فنذر لئن جاءه عشرة بنين وصاروا له أعوانا ليذبحن أحدهم لله قربانا. ثم احتفر عبد المطلب زمزم فكانت له فخرا وعزّا.
فلما تكامل بنوه عشرة وهم: الحارث والزبير وحجل وضرار والمقوم وأبو لهب والعباس وحمزة وأبو طالب وعبد الله، وقر الله عينه بهم، نام ليلة عند الكعبة المطهرة فرأى فى المنام قائلا يقول: يا عبد المطلب: أوف بنذرك لرب هذا البيت، فاستيقظ فزعا مرعوبا، وأمر بذبح كبش وأطعمه للفقراء والمساكين. ثم نام فرأى: أن قرب ما هو أكبر من ذلك، فاستيقظ من نومه وقرب ثورا، ثم نام فرأى: أن قرب ما هو أكبر من ذلك، فانتبه وقرب جملا، وأطعمه للمساكين، ثم نام: فنودى: أن قرب ما هو أكبر من ذلك، فقال: ما أكبر من ذلك فقال: قرب أحد أولادك الذى نذرته.
فاغتم غمّا شديدا، وجمع أولاده، وأخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء، فقالوا: إنا نطيعك، فمن تذبح منا؟ فقال: ليأخذ كل واحد منكم قدحا- والقدح: سهم بغير نصل- ثم ليكتب فيه اسمه، ثم ائتوا به، ففعلوا، وأخذوا أقداحهم ودخلوا على هبل «١» .
وكان فى جوف الكعبة، وكانوا يعظمونه، ويضربون بالقداح عنده، فيستقسمون بها، أى يرتضون بما يقسم لهم، ثم يضرب بها القيم الذى لها- قال: فدفع عبد المطلب إلى ذلك القيم القداح وقام يدعو الله تعالى، فخرج على عبد الله، وكان أحب ولده إليه.
فقبض عبد المطلب على يد ولده عبد الله، وأخذ الشفرة ثم أقبل إلى إساف ونائلة- صنمين عند الكعبة ينحر ويذبح عندهما النسائك- فقام إليه