للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يكن- صلى الله عليه وسلم- يطول أكمامه ويوسعها، بل كان كم قميصه إلى الرسغ، وهو منتهى الكف عند المفصل، لا يجاوز اليد فيشق على لابسه ويمنعه سرعة الحركة والبطش، ولا يقصره- صلى الله عليه وسلم- عن هذا فتبرز للحر والبرد، وقد روى عن أسماء بنت يزيد قالت: كان كم قميص رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الرسغ. رواه الترمذى.

وكان ذيل قميصه وردائه إلى أنصاف الساقين، لم يتجاوز الكعبين، فيؤذى الماشى ويجعله كالمقيد، ولم يقصر عن عضلة ساقيه، فيتأذى بالحر والبرد. أشار إليه فى زاد المعاد.

وأخرج الترمذى عن الأشعث بن سليم قال: سمعت عمتى تحدث عن عمها قال: بينا أنا أمشى بالمدينة إذا إنسان خلفى يقول: «ارفع إزارك فإنه أتقى وأنقى» ، فإذا هو رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فقلت: يا رسول الله إنما هى بردة قال: «أما لك فى أسوة؟» فنظرت فإذا إزاره إلى نصف ساقيه «١» .

وأخرج الطبرانى من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن عمر قال: رآنى النبى- صلى الله عليه وسلم- أسبلت إزارى، فقال: «يا ابن عمر كل شىء لمس الأرض من الثياب فهو فى النار» «٢» . وفى البخارى من حديث أبى هريرة عن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أسفل من الكعبين من الإزار فى النار» «٣» .

قال الخطابى: يريد أن الموضع الذى يناله الإزار من أسفل الكعبين فى النار، فكنى بالثوب عن بدن لابسه، ومعناه: أن الذى دون الكعبين من القدم يعذب بالنار عقوبة. وحاصله أنه من باب تسمية الشىء باسم ما جاوره أو حل فيه، وتكون «من» بيانية.


(١) أخرجه النسائى فى «الكبرى» (٩٦٨٢ و ٩٦٨٣) ، وأحمد فى «المسند» (٥/ ٣٦٤) .
(٢) صحيح: أخرجه أحمد فى «المسند» (٢/ ٩٨) ، والطبرانى فى «الكبير» (١٢/ ٣٨٧) ، وانظر ما بعده.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٥٧٨٧) فى اللباس، باب: ما أسفل من الكعبين فهو فى النار.