للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ينسب إلى العلم اليوم فيه إضاعة المال المنهى عنها، لأنه قد يفضل من ذلك الكم ثوب لغيره. انتهى. لكن حدث للناس اصطلاح بتطويلها، وصار لكل نوع من الناس شعار يعرفون به، ومهما كان من ذلك على سبيل الخيلاء فلا شك فى تحريمه، وما كان على طريق العادة، فلا تحريم فيه ما لم يصل إلى جر الذيل الممنوع منه. ونقل القاضى عياض عن العلماء كراهة كل ما زاد على العادة وعلى المعتاد فى اللباس من الطول والسعة.

وفى حديث أبى هريرة عند البخارى مرفوعا «بينما رجل يمشى تعجبه [نفسه] مرجل جمته، إذ خسف الله به، فهو يتجلجل إلى يوم القيامة» «١» . وفى الطبرانى وأبى داود «إن رجلا ممن كان قبلكم لبس بردة فتبختر فيها، فنظر الله إليه فمقته، فأمر الأرض فأخذته» «٢» .

وهذا الوعيد المذكور يتناول الرجال والنساء على هذا الفعل المخصوص، وقد فهمت ذلك أم سلمة- رضى الله عنها-، فأخرج النسائى والترمذى- وصححه- من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر: فقالت أم سلمة فكيف تصنع النساء بذيولهن فقال: يرخين شبرا فقالت: إذا تنكشف أقدامهن، قال: فيرخينه ذراعا لا يزدن عليه «٣» . وحاصل ما ذكر فى ذلك: أن للرجال حالين، حال استحباب: وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق، وحال جواز: وهو إلى الكعبين، وكذلك للنساء حالان: حال استحباب وهو ما يزيد على ما هو جائز للرجال بقدر الشبر، وحال جواز بقدر ذراع، وأن الإسبال يكون فى الإزار والقميص والعمامة، وأنه لا يجوز إسباله تحت الكعبين إن كان


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٥٧٨٩) فى اللباس، باب: من جر ثوبه من الخيلاء، ومسلم (٢٠٨٨) فى اللباس، باب: تحريم التبختر فى المشى مع إعجابه بثيابه.
(٢) أخرجه الطبرانى فى الكبير عن أبى جوى الجهنى، كما فى «كنز العمال» (٧٧٨٨) .
(٣) صحيح: أخرجه أبو داود (٤١١٧) فى اللباس، باب: فى قدر الذيل، والترمذى (١٧٣١) فى اللباس، باب: ما جاء فى ذيول النساء، والنسائى (٨/ ٢٠٩) فى الزينة، باب: ذيول النساء، وأحمد فى «المسند» (٢/ ٥) و (٦/ ٢١٣ و ٣٠٩) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .