للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت مضطبعا ببرد أخضر «١» . رواه أبو داود.

وعن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه أن النبى- صلى الله عليه وسلم- لبس جبة رومية ضيقة الكمين «٢» . رواه الترمذى. وعن أبى ذر: أتيت النبى- صلى الله عليه وسلم- وعليه ثوب أبيض «٣» . رواه البخارى: وعن عائشة قالت: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات غداة وعليه مرط شعر أسود «٤» . رواه الترمذى. وعن أنس قال كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يلبس الصوف، وكان له- صلى الله عليه وسلم- كساء ملبد يلبسه ويقول:

«إنما أنا عبد ألبس كما يلبس العبد» «٥» رواه الشيخان.

فإن قلت قد علم من هذا، ومن سيرة السلف الصالح، بذاذة الهيئة ورثاثة الملابس، فما بال الشاذلية من الصوفية يجملون هياتهم وملابسهم، وطريقهم الاقتداء بالسنة الشريفة والسلف الصالح.

أجاب العارف الربانى على الوفائى، أذاقنا الله حلاوة مشربه، ومن خطه الكريم نقلت بما لفظه: ذلك لأنهم نظروا إلى المعانى والحكم. فوجدوا السلف الصالح لما وجدوا أهل الغافلة والشغل لدنياهم منهمكين على الزينة الظاهرة، تفاخرا بدنياهم واطمئنانا إليها وإشعارا بأنهم من أهلها، خالفوهم إظهارا لحقارة ما حقره الحق مما عظمه الغافلون بالغنى عما اطمأن إليه الغافلون؛ فكأن أطمارهم يومئذ تقول الحمد لله الذى أغنانا به عما أفقر نفسه إليه من همه دنياه. فلما طال الأمد وقست القلوب بنسيان ذلك المعنى، واتخذ الغافلون رثاثة الأطمار وبذاذة الهيئة حيلة على جلب دنياهم انعكس


(١) حسن: أخرجه أبو داود (١٨٨٣) فى المناسك، باب: الاضطباع فى الطواف، والبيهقى فى «السنن الكبرى» (٥/ ٧٩) ، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(٢) صحيح: أخرجه الترمذى (١٧٦٨) فى اللباس، باب: ما جاء فى لبس الجبة والخفين، والنسائى (١/ ٨٣) فى الطهارة، باب: المسح على الخفين فى السفر، وابن ماجه (٣٥٦٣) فى اللباس، باب: لبس الصوف، والحديث أصله عند مسلم (٢٧٤) .
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٥٨٢٧) فى اللباس، باب: الثياب البيض، ومسلم (٩٤) فى الإيمان، باب: من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٨١) فى اللباس والزينة، باب: التواضع فى اللباس.
(٥) قلت: هو ليس فيهما، ولم أجده.