* وأما خاتم الفضة، فأباحه كثير من العلماء، ولبسه- صلى الله عليه وسلم- وجماعة من أصحابه. قال الرافعى: يجوز للرجل التختم بالفضة، وكذا قال النووى فى الروضة وغيرها، وكتب أصحابنا طافحة بجوازه. وروى أبو داود وصححه ابن حبان، من حديث بريدة بن الحصيب أن النبى- صلى الله عليه وسلم- قال للابس خاتم الحديد:«ما لى أرى عليك حلية أهل النار» ، فطرحه وقال: يا رسول الله، من أى شىء أتخذه؟ قال:«من ورق ولا تتمه مثقالا»«١» .
وأخرجه أيضا النسائى والترمذى وقال: غريب. وأخرجه أحمد وأبو يعلى فى مسنديهما والضياء فى المختارة مما ليس فى الصحيحين ورجاله رجال الصحيحين إلا عبد الله بن مسلم المعروف بأبى طيبة، وهو محدث مشهور، وتصحيح ابن حبان لحديثه دال على قبوله، فأقل أحواله أن يكون من درجة الحسن.
والأصل فى النهى كونه للتحريم، ولأن الأصل فى استعمال الفضة للرجال التحريم إلا ما رخص فيه، فإذا حد فيه حد وجب الوقوف عنده، وبقى ما عداه على الأصل. وقد قال ابن الرفعة فى باب ما يكره لبسه فى «الكفاية» : وينبغى أن ينقص وزنه عن مثقال. لأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا، وساق الحديث. وقوله ينبغى، يصلح للوجوب وغيره، وحمله عليه أولى، لأنه ساق الحديث مساق الاحتجاج لهذا الحكم، فلا يصرف النهى عن حقيقته إلا بصارف.
وظاهر صنيع ابن الملقن فى شرح منهاج النووى يقتضيه، فإنه قال فى زكاة النقد: فرع فى أبى داود وصحيح ابن حبان من حديث بريدة أنه- صلى الله عليه وسلم- قال لذلك الرجل: فذكر الحديث فساقه سوق الفروع التى لا خلاف فيها بين الأصحاب، وظاهر ذلك تحريم المثقال.
وفى «القوت» للأذرعى: لم يتعرض أصحابنا لمقدار الخاتم ولعلهم
(١) ضعيف: وقد تقدم قريبا من حديث بريدة قبل حديثين.