للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه ضم مارية وريحانة إليهن وأطلق عليهن لفظ «نسائه» تغليبا. فإن قلت:

وطء المرأة فى يوم الآخرى ممنوع، والقسم وإن لم يكن واجبا عليه- صلى الله عليه وسلم- لكنه التزمه تطييبا لنفوسهن. أجيب: باحتمال إذن صاحبة اليوم له، أو أنه فى يوم لم يثبت فيه قسم بعد، كيوم قدومه من سفر، أو اليوم الذى بعد كمال الدورة، لأنه يستأنف القسم فيما بعد، أو أنه من خصائصه- صلى الله عليه وسلم-، وقد اختص فى باب النساء بأشياء، كما سيأتى إن شاء الله تعالى.

وعن طاووس ومجاهد: أعطى- صلى الله عليه وسلم- قوة أربعين رجلا فى الجماع «١» . رواه ابن سعد. وفى رواية عن مجاهد: قوة بضع وأربعين رجلا كل رجل من أهل الجنة. رواه الحارث بن أبى أسامة. وعند أحمد والنسائى، وصححه الحاكم من حديث زيد بن أرقم رفعه: «إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة فى الأكل والشرب والجماع والشهوة» «٢» . وعن صفوان بن سليم مرفوعا: «أتانى جبريل بقدر، فأكلت منها فأعطيت قوة أربعين رجلا فى الجماع» «٣» . رواه ابن سعد.

ولما كان- صلى الله عليه وسلم- ممن أقدر على القوة فى الجماع وأعطى الكثير منه، أبيح له من عدد الحرائر ما لم يبح لغيره. قال ابن عباس: تزوجوا فإن أفضل هذه الأمة أكثرها نساء. يشير إليه- صلى الله عليه وسلم-، وقيد بهذه الأمة ليخرج مثل سليمان- عليه السّلام- فإنه كان أكثر نساء.

ووقع عند الطبرانى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: تزوجوا فإن خيرنا أكثرنا نساء، قيل المعنى: خير أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- من كان أكثر نساء من غيره ممن يتساوى معه فيما عدا ذلك من الفضائل.

قال الحافظ أبو الفضل العسقلانى: والذى يظهر أن مراد ابن عباس ب «الخير» النبى- صلى الله عليه وسلم- وب «الأمة» أخصاء أصحابه، وكأنه أشار إلى أن ترك


(١) تقدم فى حديث الهريسة، وهو ضعيف.
(٢) أخرجه أحمد فى «المسند» (٤/ ٣٧١) ، والدارمى فى «سننه» (٢٨٢٥) ، والطبرانى فى «الكبير» (٥/ ١٧٧ و ١٧٨) .
(٣) تقدم.