للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عكرمة فى قصة الوليد بن المغيرة، وكان زعيم قريش فى الفصاحة: أنه قال للنبى- صلى الله عليه وسلم-: اقرأ على، فقرأ عليه: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى «١» إلى أخر الآية. قال: أعد، فأعاد- صلى الله عليه وسلم-، فقال: والله إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما يقول هذا بشر، ثم قال لقومه: والله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار منى، ولا أعلم برجزه ولا بأشعار الجن، والله ما يشبه الذى يقول شيئا من هذا، والله إن لقوله الذى يقول لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلو ولا يعلى.

وفى خبره الآخر: حين جمع قريشا عند حضورهم الموسم وقال: إن وفود العرب تردنا، فأجمعوا فيه رأيا، لا يكذب بعضكم بعضا، فقالوا: نقول هو كاهن، قال: والله ما هو بزمزمته ولا سجعه، قالوا: مجنون. قال: ما هو بمجنون ولا بخنقه ولا بوسوسته، قالوا: فنقول شاعر، قال: ما هو بشاعر. قد عرفنا الشعر كله. رجزه وهزجه وقريضه ومبسوطه ومقبوضه، ما هو بشاعر. قالوا: فنقول ساحر، قال: ما هو بساحر، ولا نفثه ولا عقده، قالوا: فما نقول؟ قال: ما أنتم قائلون من هذا شيئا إلا وأنا أعرف أنه باطل، رواه ابن إسحاق والبيهقى.

وأخرج أبو نعيم من طريق ابن إسحاق، حدثنى إسحاق بن يسار عن رجل من بنى سلمة قال: لما أسلم فتيان بنى سلمة قال عمرو بن الجموح لابنه: أخبرنى ما سمعت من كلام هذا الرجل؟ فقرأ عليه الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ إلى قوله الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «٢» فقال: ما أحسن هذا وأجمله، أو كل كلامه مثل هذا؟ قال: يا أبت وأحسن من هذا.

وقال بعض العلماء: إن هذا القرآن لو وجد مكتوبا فى مصحف فى فلاة من الأرض، ولم يعلم من وضعه هناك لشهدت العقول السليمة أنه منزل


(١) سورة النحل: ٩٠.
(٢) سورة الفاتحة: ١- ٦.