- صلى الله عليه وسلم-، فإن كفار قريش لما كذبوه ولم يصدقوه طلبوا منه آية تدل على صدقه على دعواه، فأعطاه الله هذه الآية العظيمة، التى لا قدرة لبشر على إيجادها، دلالة على صدقه- صلى الله عليه وسلم- فى دعواه الوحدانية لله تعالى، وأنه منفرد بالربوبية، وأن هذه الآلهة التى يعبدونها باطلة لا تنفع ولا تضر، وأن العبادة إنما تكون لله وحده لا شريك له.
قال الخطابى: انشقاق القمر آية عظيمة، لا يكاد يعدلها شىء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر فى ملكوت السماوات خارجا عن جملة طباع ما فى هذا العالم المركب من الطبائع، فليس فيما يطمع فى الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر. انتهى.
وقال ابن عبد البر: قد روى هذا الحديث- يعنى حديث انشقاق القمر- جماعة كثيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين، ثم نقله عنهم الجم الغفير إلى أن انتهى إلينا. وتأيد بالآية الكريمة. انتهى.
وقال العلامة ابن السبكى فى شرحه لمختصر ابن الحاجب: والصحيح عندى أن انشقاق القمر متواتر، منصوص عليه فى القرآن، مروى فى الصحيحين وغيرهما من طرق من حديث شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن أبى معمر عن ابن مسعود، ثم قال: وله طرق أخر شتى، بحيث لا يمترى فى تواتره. انتهى.
وقد جاءت أحاديث الانشقاق فى روايات صحيحة عن جماعة من الصحابة منهم: أنس، وابن مسعود، وابن عباس، وعلى، وحذيفة، وجبير ابن مطعم، وابن عمر، وغيرهم. فأما أنس وابن عباس فلم يحضرا ذلك، لأنه كان بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين، وكان ابن عباس إذ ذاك لم يولد، وأما أنس فكان ابن أربع سنين أو خمس بالمدينة، وأما غيرهما فيمكن أن يكون شاهد ذلك.
ففى الصحيحين: من حديث أنس- رضى الله عنه-: أن أهل مكة سألوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر شقتين، حتى رأوا حراء