للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أبدى الخطابى حكمة بالغة فى كون المعجزات المحمدية لم يبلغ شىء منها مبلغ التواتر الذى لا نزاع فيه كالقرآن بما حاصله: إن معجزة كل نبى كانت إذا وقعت عامة أعقبت هلاك من كذب بها من قومه، والنبى- صلى الله عليه وسلم- بعث رحمة للعالمين، فكانت معجزته التى تحدى بها عقلية، فاختص بها القوم الذين بعث منهم، لما أوتوه من فضل العقول وزيادة الأفهام، ولو كان إدراكها عامّا لعوجل من كذب بها كما عوجل من قبلهم. انتهى. وكذا أجاب ابن عبد البر بنحوه.

تنبيه: ما يذكره بعض القصاص: أن القمر دخل فى جيب النبى- صلى الله عليه وسلم- وخرج من كمه، فليس له أصل، كما حكاه الشيخ بدر الدين الزركشى عن شيخه العماد بن كثير.

وأما رد الشمس له- صلى الله عليه وسلم-، فروى عن أسماء بنت عميس أن النبى- صلى الله عليه وسلم- كان يوحى إليه ورأسه فى حجر على- رضى الله عنه-، فلم يصل العصر حتى غربت الشمس، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أصليت يا على؟» فقال:

لا، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم إنه كان فى طاعتك وطاعة رسولك، فاردد عليه الشمس» ، قالت أسماء: فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ووقعت على الجبال والأرض، وذلك فى الصهباء فى خيبر «١» ، رواه الطحاوى فى مشكل الحديث، كما حكاه القاضى عياض فى الشفاء وقال:

قال الطحاوى: إن أحمد بن صالح كان يقول: لا ينبغى لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث أسماء لأنه من علامات النبوة. انتهى.

قال بعضهم: هذا الحديث ليس بصحيح، وإن أوهم تخريج القاضى عياض له فى الشفاء عن الطحاوى من طريقين، فقد ذكره ابن الجوزى فى الموضوعات وقال: إنه موضوع بلا شك وفى سنده أحمد بن داود وهو متروك الحديث كذاب، كما قال الدار قطنى. وقال ابن حبان: كان يضع الحديث.

قال ابن الجوزى: وقد روى هذا الحديث ابن شاهين فذكره ثم قال:


(١) ضعيف: أخرجه الطحاوى فى مشكل الآثار: (٢/ ٩) و (٤/ ٣٨٨) ، بسند فيه متروك.