قال العلماء: وإنما أدخلهم عشرة عشرة- والله أعلم- لأنها كانت قصعة واحدة، لا يمكن الجماعة الكثيرة أن يقدروا على التناول منها مع قلة الطعام، فجعلهم عشرة عشرة لينالوا من الأكل ولا يزدحموا.
وأما قوله- صلى الله عليه وسلم-: «أرسلك أبو طلحة؟» قلت: نعم، قال:«لطعام؟» قلت: نعم، فقال لمن معه:«قوموا» فظاهره: أن النبى- صلى الله عليه وسلم- فهم أن أبا طلحة استدعاه إلى منزله، فلذلك قال لمن عنده قوموا، وأول الكلام يقتضى أن أم سليم وأبا طلحة أرسلا الخبز مع أنس؟!.
فيجمع: بأنهما أرادا الخبز مع أنس «١» أن يأخذه النبى- صلى الله عليه وسلم- فيأكله، فلما وصل أنس ورأى كثرة الناس حول النبى- صلى الله عليه وسلم- استحيى، وظهر له أن يدعو النبى- صلى الله عليه وسلم- ليقوم معه وحده إلى المنزل فيحصل مقصودهم من إطعامه.
ويحتمل أن يكون ذلك عن رأى من أرسله، عهد إليه أنه إذا رأى كثرة الناس أن يستدعى النبى- صلى الله عليه وسلم- وحده، خشية أن لا يكفى ذلك النبى- صلى الله عليه وسلم- هو ومن معه، وقد عرفوا إيثاره- صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا يأكل وحده.
ووقع فى رواية يعقوب بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس- عند أبى نعيم وأصله عند مسلم- فقال لى أبو طلحة: يا أنس اذهب فقم قريبا من رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فإذا قام فدعه حتى يتفرق عنه أصحابه، ثم اتبعه حتى إذا قام على عتبة بابه فقل له: إن أبى يدعوك، وفيه: فقال أبو طلحة: يا رسول الله إنما أرسلت أنسا يدعوك وحدك، ولم يكن عندنا ما يشبع من أرى، فقال:«ادخل فإن الله سيبارك فيما عندك» .
وفى رواية مبارك بن فضالة: فقال: هل من سمن؟ فقال أبو طلحة: قد كان فى العكة شىء فجاء بها، فجعلا يعصرانها حتى خرج، ثم مسح رسول الله- صلى الله عليه وسلم- القرص فانتفخ، وقال:«بسم الله» فلم يزل يصنع ذلك والقرص