للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحكى عن الشيخ أبى العباس المرسى أنه قال: لو حجب عنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طرفة عين ما عددت نفسى من المسلمين.

وعلى هذا فيكون معنى «فسيرانى فى اليقظة» أى يتصور مشاهدتى وتنزل نفسه حاضرا معى بحيث لا يخرج عن آدابه وسنته- صلى الله عليه وسلم- بل يسلك منهاجه ويمشى على شريعته وطريقته. ومنه قوله- صلى الله عليه وسلم- فى الإحسان: «أن تعبد الله كأنك تراه» «١» ويحمل العموم فى «من رآنى» على الموفقين، وإليه يشير قول بعض المعتمدين: أى من رآنى رؤية معظم لحرمتى ومشتاق لمشاهدتى وصل إلى رؤية محبوبه وظفر بكل مطلوبه.

وقريب منه قول شارح المصابيح: أو يراه فى الدنيا حالة الذوق والانسلاخ عن العوائق الجسمانية، كما نقل ذلك عن بعض الصالحين أنه رآه فى حالة الذوق والشوق، وقد قال الأهدل عقب الحكاية عن الشيخ أبى العباس المرسى: وهذا فيه تجوز يقع مثله فى كلام الشيوخ، وذلك أن المراد أنه لم يحجب حجاب غفلة ونسيان لدوام المراقبة واستحضارها فى الأعمال والأقوال، ولم يرد أنه لم يحجب عن الروح الشخصية طرفة عين، فذلك مستحيل، والله أعلم. انتهى.

ومما اختص به- صلى الله عليه وسلم- أن التسمى باسمه ميمون ونافع فى الدنيا والآخرة.

روينا عن أنس بن مالك أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «يوقف عبدان بين يدى الله تعالى فيؤمر بهما إلى الجنة فيقولان: ربنا بما استأهلنا الجنة ولم نعمل عملا تجازينا به الجنة؟ فيقول الله تعالى: ادخلا الجنة، فإنى آليت على نفسى أن لا يدخل النار من اسمه أحمد ولا محمد» «٢» .


(١) صحيح: وهو جزء من حديث جبريل فى سؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان، وقد تقدم، إلا أن هذا التأويل بعيد، ولا يصح، والله أعلم.
(٢) موضوع: ذكره صاحب «فيض القدير شرح الجامع الصغير» وعزاه لابن سعد عن عثمان العمرى مرسلا والحديث ذكره ابن الجوزى فى «الموضوعات» (١/ ١٥٧) ، والسيوطى فى «اللآلئ المصنوعة» (١/ ٥٥) .