للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم ترك إنكار المنكر مع القدرة]

السؤال

نرى انتشار طلاب العلم -ولله الحمد- وكذلك أهل الخير، فما رأيكم في ضعفهم في إنكار المنكر، وعدم القيام به على الوجه المطلوب؟

الجواب

الواجب على المسلم أن ينكر المنكر بقدر استطاعته، فيزيله باليد إذا كان مستطيعاً كأن يكون المنكر في بيته، أو كالأمير أو كرجال الهيئة في حدود صلاحياتهم فيغيرون المنكر باليد.

فإن كان لا يستطيع تغيير المنكر باليد فينكر باللسان، فإن عجز عن ذلك كما إذا كان يترتب على إنكاره باللسان ضرر محقق في بدنه أو ماله أو أهله فإن ينكر بقلبه، بمعنى أنه يكره المنكر بقلبه ولا يجالس أهله، بل يقوم عنهم، ولتكن علامات الإنكار على وجهه، فيقطب وجهه وتظهر عليه علامات الكراهة، فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام مسلم من حديث أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).

إذاً: فدرجات التغيير ثلاث: باليد ثم باللسان ثم بالقلب، فالإنكار بالقلب معناه كراهة المنكر والبعد عن أهله، فإذا كان يكره بقلبه فإنه لا يجلس وهو يستطيع البعد، فإذا كان يستطيع القيام فإنه يجب عليه أن يقوم، فإن لم يقم فليس صادقاً في إنكار المنكر، ولابد أن تظهر علامات المنكر على وجهه، ولينصرف عنهم، فإن جلس فحكمه كحكمهم، ودعواه أنه أنكر المنكر كذب وليست صحيحة، كما قال تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء:١٤٠].

فمن جلس في مجلس يكفر فيه بالله وهو يستطيع القيام ولم ينكر ولم يقم فحكمه حكمهم، ومن جلس في مجلس يشرب فيه الخمر ولم ينكر عليهم وهو يستطيع الإنكار فحكمه كحكم شارب الخمر في الإثم، ومن جلس في مجلس يغتاب فيه الناس وهو يستطيع القيام ولم ينكر عليهم ولم يقم فحكمه كحكم المغتابين.

<<  <  ج: ص:  >  >>