قال المصنف رحمه الله تعالى: [فبين ذلك أنه وصف المؤمنين الذين أخرج هؤلاء منهم فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات:١٥]، وهذا نعت محقق للإيمان؛ لا نعت من معه مثقال ذرة من إيمان].
هذا هو المرجح الرابع: أنه بعد أن أخبرهم بأنهم ضعفاء الإيمان، بين لهم أوصاف المؤمنين الكمل الذين حققوا الإيمان فقال: انظروا أوصاف المؤمنين الذين حققوا الإيمان: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات:١٥]، فهؤلاء هم الصادقون في إيمانهم، الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يشكوا وجاهدوا بالمال وجاهدوا بالنفس فأولئك هم الصادقون، وأنتم لستم صادقين.
وفي الآية الأخرى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ}[النور:٦٢]، فالمرجح الرابع: أن الله بين وصف المؤمنين الكمل الذين حققوا الإيمان، والأعراب خرجوا من هذا الوصف، فهذا وصف المؤمنين الذين حققوا الإيمان ولستم أيها الأعراب منهم؛ لأنكم لم تصلوا إلى هذه الدرجة، فأنتم ضعيفو الإيمان، وهؤلاء حققوا الإيمان وكملوه.
وهؤلاء الأعراب وغيرهم معهم أصل الإيمان، لكن ليس معهم كمال الإيمان.
هذا هو الشاهد:{أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال:٤]، كما أن الشاهد في الآية السابقة، {أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}[الحجرات:١٥]، والمقصود هؤلاء الذين حققوا الإيمان وصدقوا في إيمانهم، وأنتم أيها الأعراب لم تصلوا إلى هذه الدرجة، ولم تصلوا إلى كمال الإيمان.