للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أوصاف المنافقين في سورة العنكبوت]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقال تعالى في سورة العنكبوت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ * وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت:١٠ - ١١].

قوله تعالى في سورة العنكبوت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت:١٠] هذا وصف المنافق، فإنه إذا أوذي ارتد عن دينه، ولا يتحمل المحنة والشدة أو الصد عن دينه.

{وَلَئِنْ جَاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ} [العنكبوت:١٠] أي: إن حصل للمسلمين نصر وغنيمة وفتح جاءوا وقالوا: لقد كنا معكم، وطلبوا المشاركة في الغنيمة، وإن حصل نكبة أو هزيمة ارتدوا عن دينهم، وهذا كقوله تعالى في سورة الحج: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ} [الحج:١١] أي: ارتد عن دينه، فإن أصابه خير من فتح ونصر وغنيمة قال: هذا دين طيب، وإن حصل للمسلمين نكبة أو هزيمة ارتد عن دينه {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الحج:١١].

وهنا بين أن المنافق لا يصبر على المحن ولا على الشداد، فإذا أصابته محنة أو شدة فإنه يرتد عن دينه، وإن حصل له مال وغنيمة وسعة ثبت؛ لأنه ليس لديه إيمان يثبت به قلبه، ولكنه كما في الآية الأخرى (على حرف)، نسأل الله السلامة والعافية.

قال الله تعالى: {أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت:١٠]، فالله تعالى يعلم ما في صدور العالمين من الإيمان والطاعة، ومن الكفر والنفاق.

وقال سبحانه: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت:١١] أي: يعلم علم ظهور، فهو سبحانه عالم بحالهم، لكن المعنى: أنه سبحانه وتعالى يجعل من الأسباب ما يظهر به المنافق للناس ظهور عيان، فالمحن والشدائد والمصائب يتبين بها المؤمن الصابر الثابت على دينه من المنافق الذي ليس عنده إيمان ولا ثبات، فيظهر نفاقه عند المحن والشدائد، ولهذا قال سبحانه: {وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ} [العنكبوت:١١].

<<  <  ج: ص:  >  >>