المسألة الثالثة: مسألة الاستثناء في الإيمان، وهو قول الإنسان: أنا مؤمن إن شاء الله، ومرجئة الفقهاء يمنعون الاستثناء في الإيمان، ويقولون: الاستثناء شك في الإيمان، ولا يجوز شك الشخص في إيمانه، بل لا بد أن يعلم أنه مصدق كما يعلم أنه قرأ الفاتحة، وكما يعلم أنه يحب الرسول عليه الصلاة والسلام، وأنه يبغض اليهود، ولهذا من قال: أنا مؤمن إن شاء الله، قالوا: هذا شاك في إيمانه، ويسمونه من أهل السنة الشكاكة.
أما جمهور أهل السنة فإنهم أجازوا الاستثناء باعتبار ومنعوه باعتبار، فقالوا: إن قصد الشك في أصل الإيمان والتصديق فهذا ممنوع، وإن أراد بقوله: أنا مؤمن إن شاء الله أن شرائع الإيمان والواجبات كثيرة ولا يجزم الإنسان أنه أدى ما عليه ولا يزكي نفسه، جاز له أن يستثني فيقول: أنا مؤمن إن شاء الله.
وكذلك إذا أراد عدم علمه بالعاقبة فله أن يستثني ويقول: أنا مؤمن إن شاء الله، وكذلك إذا أراد التبرك بذكر اسم الله فله أن يستثني.
ولقد انتشر في هذه الآونة مذهب الإرجاء وصار فيه كلام كثير، وأخذ ورد في الشبكة المعلوماتية، والكتابات والصحف والرسائل، واختلط الحابل بالنابل على كثير من الناس، فلا يفرقون بين الحق والباطل إلا من عصم الله، فكل من قال: إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان فهو من المرجئة, سواء قال إنه شرط كمال أو شرط صحة أو غير ذلك، فإن الشرط خارج عن المشروط، وعليه لا يقال شرط ولا غيره، وإنما الأعمال جزء من الإيمان ركن فيه.