[يترتب على قول مرجئة الفقهاء فتح الباب للفساق والعصاة]
في الواقع أن الخلاف ليس لفظياً من جميع الوجوه, فالخلاف بين جمهور أهل السنة ومرجئة الفقهاء وإن كان لا يترتب عليه فساد في العقيدة إلا أن له ثمرات وآثاراً تترتب عليه، ولهذا قال بعض العلماء: إن بدعتهم -وإن كانت في اللفظ بدعة المرجئة- أشد من فتنة الأزارقة، وهم الخوارج.
فمن الآثار التي ترتبت على خلاف مرجئة الفقهاء وإن كانوا طائفة من أهل السنة أنهم فتحوا باباً للفساق والعصاة، فمرجئة الفقهاء يقولون: إيمان أهل السماء وأهل الأرض واحد, وإيمان الفاسق والعاصي واحد هو التصديق، فكل منهم مصدق، ولكن التفاوت بينهم في الأعمال والتقوى.
فلما قالوا هذا القول فتحوا باباً للفساق والعصاة, فيأتي السكير, ويقول: أنا مؤمن كامل الإيمان، وإيماني كإيمان جبريل وميكائيل، وكإيمان أبي بكر وعمر , فإذا قيل له: كيف ذلك؟ قال: أنا مصدق، وأبو بكر مصدق وعمر مصدق.
فإذا قيل له: أبو بكر وعمر لهم أعمال عظيمة.
قال: الأعمال غير الإيمان، ونحن متفقون في الإيمان, فإيماني كإيمان أبي بكر وعمر.
وهذا باطل, فإن إيمان أبي بكر وعمر لو وزن بإيمان أهل الأرض لرجح, فكيف تقول أيها السكير: إن إيماني كإيمان أبي بكر وعمر , والذي فتح الباب لمثل هؤلاء هم مرجئة الفقهاء عندما قالوا: إن الأعمال غير داخلة في مسمى الإيمان.