للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أوصاف المنافقين في سورة النور]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وقد قال الله تعالى في سورة النور: {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور:٤٧] إلى قوله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور:٥١]].

لا يزال المؤلف رحمه الله يستعرض الآيات من كتاب الله تعالى سورة سورة في وصف المنافقين، وذلك أن المنافقين -وهم الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر- خطرهم على الإسلام شديد؛ لأنهم عدو ملتبس، يخفي أمره؛ لأنه يعيش بين المسلمين، بخلاف الكافر ظاهراً وباطناً فإنه عدو مكشوف لكل أحد، فلهذا أكثر الله من أوصاف المنافقين في كتابه العظيم، قال سبحانه وتعالى في سورة النور: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور:٤٧].

قوله: {وَيَقُولُونَ} [النور:٤٧] يعني: المنافقين، {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا} [النور:٤٧] أي: أنهم يظهرون الإيمان والطاعة لله ورسوله ولكنهم يعرضون عن حكم الله وعن حكم رسوله، فإذا دعوا إلى التحاكم إلى كتاب الله وإلى رسوله في حياته وإلى سنته بعد وفاته أعرضوا وتولوا، فنفى الله تعالى عنهم الإيمان فقال: {وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور:٤٧] ففعلهم يناقض قولهم؛ ولهذا قال سبحانه: {وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} [النور:٤٧]، فمن تولى عن الأوامر والنواهي فليس بمؤمن، {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى} [الليل:١٦]، فهذا وصف الكافر أنه يكذب الخبر، ويتولى عن الأمر.

فهؤلاء يتولون عن الأوامر والنواهي ولا يمتثلون ولا يتحاكمون إلى شرع الله ودينه، ولهذا نفى سبحانه عنهم الإيمان: {وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور:٤٧ - ٤٨] أي: إذا دعوا إلى التحاكم إلى شرع الله فإنهم يتولون عن الأمر، مع أنهم يظهرون الطاعة في الظاهر، ثم قال سبحانه: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} [النور:٥٠] أي: هل في قلوبهم مرض ملازم لهم؟ أم عندهم شك؟ أم يخافون الجور من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم؟ وكل واحد من هذه الثلاثة يدل على نفاقهم وكفرهم.

فقوله: {أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} [النور:٥٠] أي: مرض الكفر والشك، {أَمِ ارْتَابُوا} [النور:٥٠] أي: أم في قلوبهم شك وريب، أم يتهمون ربهم ونبيهم بالظلم والجور، وكل هذا كفر وضلال.

ثم بين وصف المؤمنين الخلص فقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [النور:٥١] فوصف المؤمنين بالسمع والطاعة والامتثال.

<<  <  ج: ص:  >  >>