قال المصنف رحمه الله تعالى:[وسؤالهم على هذا الوجه أن يقولوا: الحسنات إنما تكفر الصغائر فقط، فأما الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة، كما قد جاء في بعض الأحاديث: ما اجتنبت الكبائر.
فيجاب عن هذا بوجوه].
هذا اعتراض على هذه الأحاديث التي استدل بها المؤلف على أن الحسنات يمحو الله بها الخطايا، قالوا: الحسنات إنما تكفر الصغائر ولا تكفر الكبائر، فأما الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة؛ ولهذا جاء في بعض الأحاديث:(ما اجتنبت الكبائر)، كما في حديث أبي هريرة في مسلم:(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر).
فأجاب المؤلف رحمه الله عنها بخمسة أجوبة، وبعض الأجوبة عليها اعتراضات.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أحدها: أن هذا الشرط جاء في الفرائض كالصلوات الخمس والجمعة وصيام شهر رمضان، وذلك أن الله تعالى يقول:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء:٣١]، فأداء الفرائض مع ترك الكبائر مقتض لتكفير السيئات، وأما الأعمال الزائدة من التطوعات فلا بد أن يكون لها ثواب آخر، فإن الله تعالى يقول:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:٧ - ٨]].
الجواب الأول على هذا الاعتراض هو: أن الحسنات إنما تمحو الكبائر، قال المؤلف رحمه الله: هذا الشرط إنما جاء في الفرائض خاصة دون التطوعات، والفرائض إنما يكفر الله بها الخطايا إذا اجتنبت الكبائر كالصلوات الخمس والجمعة وصيام رمضان، ودليلها الحديث السابق حديث أبي هريرة عند مسلم:(الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، وذلك أن الله تعالى يقول:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}[النساء:٣١] أي: الصغائر، فاشترط لتكفير الصغائر ترك الكبائر، يقول المؤلف: فالفرائض مع ترك الكبائر مقتضٍ لتكفير السيئات، أما غير الفرائض مثل الحسنات الماحية مثل المرأة البغي التي سقت الكلب، فهذه حسنة يمحو الله بها الخطايا، وهكذا الأعمال الزائدة عن الفرائض من التطوعات، يقول المؤلف: فلابد أن يكون لها ثواب آخر؛ لقول الله عز وجل:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:٧ - ٨].