ما مذهب أهل السنة والجماعة في أهل الفترة الذين ماتوا قبل بعثة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟
الجواب
أهل الفترة الله أعلم بهم وهو الذي يحاسبهم، ولكن جاءت النصوص في أن بعض أهل الفترة بلغتهم الدعوة، فمن بلغتهم الدعوة فإنهم يؤاخذون، ومن ذلك ما جاء أن عبد الله بن جدعان قيل للنبي صلى الله عليه وسلم إن له جفنة كبيرة يطعم منها الحجاج، فهل ينفعه ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا، إنه لم يقل يوماً: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين) أي: أنه أنكر البعث.
وجاء في قصة الرجل الذي سأله: أين أبي؟ قال:(في النار فلما ولى دعاه فقال: إن أبي وأباك في النار) فدل على أنه قد قامت عليه الحجة، وكذلك والد النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما والدة النبي صلى الله عليه وسلم فقد ثبت في صحيح مسلم وفي مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(استأذنت ربي في أن أزور قبر أمي فأذن لي واستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي)، فزار قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، ولم يأذن الله له بالاستغفار لأمه، وأمه عليه الصلاة والسلام ماتت في الفترة، فيحتمل أنها بلغتها الدعوة ويحتمل أنها لم تبلغها الدعوة.
وجاءت أحاديث في أهل الفترة بعضها صحيح وأكثرها ضعيفة لكن يشد بعضها بعضاً، وقد أخذ بها شيخ الإسلام ابن تيمية والعلامة ابن القيم في أنهم يمتحنون يوم القيامة، وجاء في بعض الأحاديث أنه يؤتي بالشيخ الكبير والهرم والأصم من أهل الفترة، وأنه يخرج لهم عنق من النار، فيقال: رِدُوها.
فمن وردها صارت عليه برداً وسلاماً، ومن امتنع فإنه يكون عاصياً، فهذه الأحاديث فيها دليل على أن من لم تبلغه الدعوة يمتحن يوم القيامة، فمن أطاع دخل الجنة ومن عصى دخل النار، والله تعالى له الحكمة البالغة، وهو الحكم العدل سبحانه وتعالى.