هنا بين الله سبحانه وتعالى أن المنافقين لا تقبل منهم نفقاتهم، ولا تقبل صلاتهم، وبين العلة، وهي كفرهم بالله ورسوله.
إن التوحيد هو المصحح للأعمال، فمن كان من أهل التوحيد صحت أعماله وقبلت، ومن كان من أهل النفاق والكفر بطلت أعماله وردت، فأي موحد أخلص عمله قبل منه ولو كان عاصياً، فالعاصي نقول له: صلاتك صحيحة، أو زكاتك صحيحة، ولو كان عنده بعض المعاصي، كعقوق الوالدين أو قطيعة الرحم، أو شرب الخمر أو الدخان، أو حلق اللحية، فهذه المعاصي لا تمنع من قبول عباداته إذا كان موحداً.
لكن الكافر لا يقبل منه أي عمل؛ لأنه ليس عنده توحيد، بل أشرك بالله، فلا تقبل عباداته؛ لأن المصحح للأعمال كلها هو التوحيد، والمبطل للأعمال كلها هو الشرك والكفر، ولهذا بين الله سبحانه وتعالى سبب عدم قبول الصلاة والزكاة فقال:{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ}[التوبة:٥٤] فهذا هو المانع المبطل لأعمالهم، وفي هذا تحذير للمؤمن من أن يتصف بصفات المنافقين، فإن إتيان الصلاة عن كسل، والإنفاق مع الإكراه وصف نفاق، والمؤمن ينفق مع النشاط والطواعية وانشراح الصدر، لا كارهاً متبرماً، بخلاف المنافق؛ لأنه ليس عنده إيمان.