للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر المنافقين وصفاتهم في مواضع قرآنية كثيرة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والقرآن يذكر المؤمنين والمنافقين في غير موضع، كما ذكرهم في سورة البقرة وآل عمران والنساء وسورة العنكبوت والأحزاب، وكان هؤلاء في أهل المدينة والبادية، كما قال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة:١٠١]].

يذكر القرآن المؤمنين والمنافقين في مواضع كثيرة، كما ذكرهم في سورة البقرة، وذكرهم في سورة آل عمران، كما سيبين المؤلف رحمه الله في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} [آل عمران:١٥٦] إلى أن قال: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا} [آل عمران:١٦٧].

وذكرهم أيضاً في سورة النساء في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء:٦٠] وقال: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء:١٣٨]، إلى قوله: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [النساء:١٤٢].

وكذلك في سورة المائدة: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} [المائدة:٥٢] وفي سورة العنكبوت: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ} [العنكبوت:١٠] وفي سورة الأحزاب ذكر كثيراً من أوصافهم، قال الله تعالى: {يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا} [الأحزاب:١٣].

وكان هؤلاء المنافقون في المدينة وفي البوادي التي حول المدينة، كما قال الله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} [التوبة:١٠١] يعني: ومن أهل المدينة منافقون.

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ} [التوبة:١٠١].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكان في المنافقين من هو في الأصل من المشركين وفيهم من هو في الأصل من أهل الكتاب].

يعني: بعض المنافقين كانوا في الأصل مشركين وهم من الأوس والخزرج الذين دخلوا في الإسلام نفاقاً، حيث أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر؛ وذلك لما تقوى الإسلام خافوا من القتل فأظهروا الإسلام وأبطنوا الشرك، وبعض المنافقين كانوا في الأصل من اليهود والنصارى كما أخبر الله عنهم في سورة البقرة قال تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ} [البقرة:٧٨]، {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} [البقرة:٧٥ - ٧٦].

إذاً: المنافقون لهم ظاهر وباطن، فقد يكون مشركاً في الأصل فيخاف من القتل فيظهر الإسلام ويبطن الشرك، وقد يكون من أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فيخاف ويظهر الإسلام ويبطن اليهودية أو النصرانية.

<<  <  ج: ص:  >  >>