للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[عقيدة الخوارج والمعتزلة في صاحب الكبيرة ونتيجة الخلاف بينهما]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل.

فهذان القولان: قول الخوارج الذين يكفرون بمطلق الذنوب ويخلدون في النار، وقول من يخلدهم في النار ويجزم بأن الله لا يغفر لهم إلا بالتوبة، ويقول: ليس معهم من الإيمان شيء، لم يذهب إليهما أحد من أئمة الدين أهل الفقه والحديث، بل هما من الأقوال المشهورة عن أهل البدع].

هذان القولان: القول الأول: قول الخوارج، والقول الثاني: قول المعتزلة، لم يذهب إليهما أحد من أئمة الدين، بل هما قولان مبتدعان: القول الأول: قول الخوارج الذين يكفرون بمطلق الذنوب ويخلدون في النار، فهذا قول باطل ما قاله أحد من أهل السنة والجماعة، إنما هو لأهل البدع، يقولون: يكفر المسلم بمطلق الذنب، بعضهم يقول: بأي ذنب، وبعضهم يقول: بالذنب الكبير فقط، ويخلد في النار، فالشخص إذا فعل الكبيرة كفر وخلد في النار عندهم، وهذا قول باطل أنكره أهل السنة والجماعة، وضللوا الخوارج بهذا وبدعوهم.

القول الثاني: قول المعتزلة، وأشار إليه المؤلف بقوله: (وقول من يخلدهم في النار، ويجزم بأن الله لا يغفر لهم إلا بالتوبة، ويقول: ليس معهم من الإيمان شيء)، فهذا هو قول المعتزلة، وهم يوافقون الخوارج بالتخليد في النار، ويجزمون بأن الله لا يغفر لهم إلا بالتوبة، ويقولون: إنه ينتهي إيمان المؤمن بالكبيرة، لكن لا يصل إلى حد الكفر، فالخلاف بين الخوارج والمعتزلة في الحكم على صاحب الكبيرة في الدنيا، أما في الآخرة فقد اتفقوا على أن صاحب الكبيرة يخلد في النار.

إذاً: اختلفوا في الدنيا، فقالت الخوارج: صاحب الكبيرة يخرج من الإيمان ويدخل في الكفر، وقالت المعتزلة: يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر، بل يبقى في منزلة بين المنزلتين -بين الإيمان والكفر- وإنما يسمى فاسقاً ليس بمؤمن ولا كافر.

فإن قيل: هل لهذا الخلاف بين الطائفتين ثمرة؟ ف

الجواب

في الآخرة لا توجد ثمرة، أما في الدنيا فله ثمرة، فالخوارج يقولون: خرج من الإيمان ودخل في الكفر، فيستحلون دمه وماله، ويعاملونه معاملة الكفار، أما المعتزلة فيقولون: خرج من الإيمان لكن ليس بكافر، فلا يقتلونه ولا يستحلون دمه وماله؛ لأنه خرج من الإيمان، لكن ما دخل في الكفر الذي يوجب قتله وأخذ ماله.

فهذان القولان يقول عنهما المؤلف: (لم يذهب إليهما أحد من أئمة الدين أهل الفقه والحديث، بل هما من الأقوال المشهورة عن أهل البدع).

<<  <  ج: ص:  >  >>