للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أقوال العلماء في وصول الثواب إلى الميت]

هذا هو السبب الخامس من الأسباب التي يدفع الله بها العقوبة والعذاب عن الشخص، وهو ما يهدى للميت من ثواب أعمال البر، والذي يهدى للميت من ثواب أعمال البر بالاتفاق عند أهل السنة والجماعة أربعة أشياء: الدعاء، والصدقة، والحج، والعمرة، والأضحية داخلة في ذلك لأنها نوع من الصدقة، فهذه أربعة أشياء متفق عليها، وكذلك الصوم الواجب؛ فإذا كان عليه صوم واجب كصيام رمضان أو النذر أو الكفارة قضي عنه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، فهذه من الأعمال التي ينتفع بها الميت بالاتفاق.

أما إهداء ثواب الصلاة كأن يصلي ركعتين وينوي ثوابها للميت، أو يصوم أياماً ويهدي ثوابها للميت، أو يقرأ القرآن ويهدي ثوابه للميت، أو يسبح ويهدي ثوابه للميت، أو يطوف بالبيت سبعة أشواط ويهدي ثوابها للميت، فهذا موضع خلاف بين أهل العلم: فمن العلماء من ذهب إلى أنها تنفع الميت، وذهب إلى هذا الحنابلة والأحناف قياساً على الأربعة.

ومن العلماء من قال: نقف عند ما وردت به النصوص؛ لأن العبادات توقيفية، ولا قياس في العبادات، وإلى هذا ذهب المالكية والشافعية، وقالوا: نقتصر على الدعاء والصدقة والعمرة والحج والأضحية وصوم الواجب.

وهذا هو الأرجح؛ أن نقتصر على هذه الأربع؛ لأن العبادات توقيفية، ولم يرد سوى هذه الأربعة، فلم يرد أن الميت يصلى عنه ركعتين، أو يصام عنه يوم ويهدى له ثوابه، أو يقرأ القرآن ويهدى ثوابه للميت، ولكن من أجازه من العلماء قاسوا على هذه الأربع، ومن منع قال: لا قياس في العبادات، فالعبادات توقيفية، ووصفوا العبادات بالمنع والحظر، وهذا هو الأصوب، فما أهدي للميت من ثواب أعمال البر ينفعه الله به، ويدفع عنه العقاب بذلك، وينتفع بالصدقة وكذلك العتق، فالعتق داخل تحت الصدقة.

يقول المؤلف رحمه الله: (إن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة كالصدقة ونحو ذلك بل قد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، قوله: (وعليه) أي: الصوم الواجب، أما صوم النفل والتطوع فهو محل خلاف.

وكذلك الخلاف أيضاً في صوم النذر، جاء في اللفظ الآخر: (من مات وعليه صوم نذر)، فبعض العلماء حمله على صوم النذر خاصة، أما الصوم الذي وجد بأصل الشرع كصوم رمضان فلا يقضى عنه، والصواب: أنه يقضى على الميت الواجب سواء كان صوم رمضان أو صوم نذر أو صوم كفارة، فهذا ينفع الله به الميت، ويكفر عنه، ويدفع الله به العقوبة عنه إذا أهدي له، وكذلك الدعاء أو صدقة أو عمرة أو حج.

<<  <  ج: ص:  >  >>