[حكم فاعل الكبيرة إذا تاب]
السؤال
إذا خرج الإنسان من الإيمان إلى الإسلام بسبب المعاصي، فمتى يرجع إلى الإيمان مرة أخرى، وهل كل المعاصي تخرج من الإيمان؟
الجواب
الذي يخرج من الإيمان الكامل، يخرج إلى الإيمان الناقص وهو الإسلام، فالإسلام هو إيمان ناقص، فإذا تاب من الكبيرة التي ارتكبها أو تاب من التقصير في الواجبات عاد إلى تمام الإيمان.
وكذلك الزاني إذا تاب من الزنا توبة نصوحاً بشروطها، بمعنى أنه أقلع عن المعصية، وندم على ما مضى، وعزم عزماً جازماً على ألا يعود إليها، ورد المظلمة إلى أهلها، فإن كانت سرقة ورد المال إلى صاحبه، فإنه يعود إليه الإيمان الكامل.
والمراد الكبائر وليس المراد الصغائر، فالصغائر تكفر باجتناب الكبائر، والكبائر جمع كبيرة، والكبيرة أصح ما قيل في تعريفها: هي كل ذنب وجب فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة بالنار أو اللعنة أو الغضب، مثل الزنا الذي جاء فيه الوعيد: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} [الإسراء:٣٢].
والقتل وعد عليه بالنار فهو كبيرة، وأكل مال اليتيم وعد عليه بالنار فهو كبيرة، والسرقة فيها حد وهو قطع يد فهي كبيرة.
فإذا فعلها رجل ثم تاب توبة نصوحاً عاد إلى الإيمان الكامل، أما الصغائر فتكفر باجتناب الكبائر وأداء الفرائض، فإذا أدى الإنسان الفرائض وترك الكبائر كفر الله عنه الصغائر، قال عليه الصلاة والسلام: (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينها إذا اجتنبت الكبائر)، قال الله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء:٣١]، والصغيرة كلطمة أو زلة أو هفوة أو نظرة وما أشبه ذلك، فهذه تكفر باجتناب الكبائر وأداء الفرائض.
جاء في الحديث الآخر: أن فتنة الرجل في أهله وماله تكفرها الصلاة والصيام والصدقة والحج، وقوله: (فتنة الرجل في أهله) أي: ما يحصل بينه وبين أهله أو بينه وبين جاره أو بينه وبين ولده من الكلام الذي يحصل بينهم، فهذا من الصغائر التي تكفر بأداء الفرائض، أما الكبائر فإنه بها من الإيمان الكامل إلى أصل الإيمان إذا فعل كبيرة، ويعود إليه إذا تاب من الكبيرة توبة نصوحاً.
وألحق بعضهم بالكبائر ما نفي عن صاحبه الإيمان، أو قال فيه ليس منا، كحديث: (من غشنا فليس منا)، و (ليس منا ضرب الخدود وشق الجيوب)، أو تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث: (برئ النبي صلى الله عليه وسلم من الصالقة والحالقة والشاقة).
فإن قيل: فهل البدع تدخل في الكبائر؟ قلنا: البدع تنقسم إلى قسمين: بدعة مكفرة وبدعة غير مكفرة، فإذا كانت البدع مكفرة فلها حكم الكفر، وإذا كانت بدعة غير مكفرة فحكمها حكم الكبائر وإن كانت أشد من الكبائر، فالبدعة المكفرة مثل بدعة القدرية الأولى الذين نفوا علم الله بالأشياء، ومثل بدعة الجهمية الذين نفوا الأسماء والصفات عن الله، وقد كفرهم ثلاثمائة عالم، ومثل بدعة الروافض الذين يعبدون آل البيت ويكفرون الصحابة ويفسقونهم وكذبوا النصوص، فهذه بدع مكفرة.
أما البدع غير المكفرة فمثل بدعة المولد، وبدعة التلفظ بنية الأذكار في الصلوات وفي غيرها، فالبدعة حكمها حكم الكبيرة إذا كانت غير مكفرة، وإذا كانت مكفرة فحكمها حكم الكفر.