للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آداب طالب العلم مع شيوخه]

وعليه مع ذلك أن يحترم أهل العلم والمدرسين، ويعرف لهم قدرهم وحرمتهم، ويتأدب معهم في خطابه وفي أسلوبه وفي أسئلته، وعليه مع ذلك أن يحذر من التعنت الذي يصاب به بعض الناس في أسئلته، فلا يتعنت، لا يسأل أسئلة تعنت، ولا يسأل أسئلة يريد بها الرياء والسمعة، أو يريد أن يعنت المسئول ويوقعه في الحرج، أو لأجل أن يظهر نفسه، بل يسأل أسئلة يريد بها الفائدة، ولا يسأل أسئلة غير واقعية، أو أسئلة مستحيلة، أو لا تكون، لكن يسأل أسئلة يمكن أن تقع أو واقعة، ويكون قصده بذلك الفائدة.

وعليه مع ذلك الحرص على حضور دروس الحلقات العلمية، وبذل الوسع والاجتهاد، وإحضار الكتاب بين يديه، وعليه أن يحضر ذهنه، ويجاهد نفسه؛ حتى لا ترد عليه الخواطر والوساوس، فلابد أن يكون حاضر الذهن، فيفهم عن المدرس ما يقول، وعليه أن يعلق الفوائد العلمية؛ لأن الفوائد العلمية قد تفوته، ولهذا يقول السلف: العلم صيد والكتابة قيده قيد صيودك بالحبال الواثقة وعليه مع ذلك أن يستفسر عما أشكل عليه، ويرجع إلى زملائه يسألهم عما خفي عليه، ويرجع إلى الشريط أيضاً، وعليه مع ذلك أن يستفيد من أهل العلم، بأن يتصل بهم هاتفياً أو شخصياً، لكن مع التأدب، ومع القصد الحسن، وقد يحرم الإنسان العلم بسبب عدم تأدبه بآداب طالب العلم، فلابد للإنسان أن يخلص عمله لله وأن يتأدب بآداب طالب العلم.

وعليه مع ذلك أن يستفيد من الكتب ومن أهل العلم، وأن يسلك الطرق والوسائل التي يستفيد منها، والوسائل في هذا العصر كثيرة: منها حضور الحلقات والدورات العلمية، ومنها حضور الدروس في المساجد، ومنها سؤال أهل العلم هاتفياً أو شخصياً، ومنها سماع الأشرطة المفيدة، ومنها القراءة في كتب أهل العلم والبصيرة، ومنها الدراسة في المعاهد والكليات والمدارس العلمية، كل هذه وسائل لطلب العلم، فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا جميعاً العلم النافع والعمل الصالح، ونسأله سبحانه أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في العمل والثقة في القول، ونسأله سبحانه وتعالى أن يعيذنا وإياكم من الرياء والسمعة ومن المقاصد السيئة.

ونحن إن شاء الله في هذه الدورة سوف نتكلم بما يفتح الله به على كتاب الإيمان الأوسط للإمام المجتهد المطلق العلامة شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني رحمة الله عليه، المولود سنة إحدى وستين وستمائة من الهجرة، والمتوفى سنة ثمانية وعشرين وسبعمائة رحمه الله رحمة واسعة.

وشيخ الإسلام معروف لدى الجميع، وهو ممن نصر الله به الحق، وأظهر الله به معتقد أهل السنة والجماعة، وقد انتشرت كتبه ومؤلفاته، ونفع الله بها في مشارق الأرض ومغاربها، ودعوة الإمام المجدد شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله امتداد لدعوة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا زال شيخ الإسلام الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وأحفاده وتلاميذه كلهم يستفيدون من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم وغيرهم من أهل العلم.

وهذا الإمام شيخ الإسلام رحمه الله هو ممن نصر الله به الحق وأظهر به عقيدة أهل السنة والجماعة، وما قرره من معتقد أهل السنة والجماعة، كله عليه أدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكان من أهل العلم، ويندر أن يكون له قول ضعيف في مسائل الاعتقاد، أما المسائل الفرعية فأمرها سهل، كمسائل الفروع في الفقه وفي غيرها، لكن مسائل الاعتقاد يندر أن يكون له قول ضعيف أو مرجوح رحمه الله.

وهذا كتاب الإيمان الأوسط ويقال له: كتاب الإيمان الصغير، وله كتاب آخر هو كتاب الإيمان الكبير أو شرح حديث جبريل، وكأن هذا الكتاب مختصر من كتاب الإيمان الكبير، وكتاب الإيمان الكبير أوسع، وهذه المباحث الموجودة في كتاب الإيمان الأوسط أو كتاب الإيمان الصغير موجودة في كتاب الإيمان الكبير، والإيمان الكبير يزيد عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>