[الخلاف بين أهل السنة والمرجئة في زيادة الإيمان ونقصانه]
أقر أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، كما دلت النصوص الكثيرة على هذا، قال الله تعالى:{لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح:٤]، وقال:{وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا}[المدثر:٣١]، وقال:{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}[الفتح:٤].
إذاً: الكفر يزيد وينقص، والنفاق يزيد وينقص، والإيمان يزيد وينقص.
أما المرجئة بجميع طوائفهم فيقولون: الإيمان شيء واحد لا يزيد ولا ينقص، وهذا خلاف ما دلت عليه النصوص من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وكلام السلف الصالح من الصحابة والتابعين، إذ كان يقول أحدهم لصاحبه: هلم نزدد إيماناً، ويذكرون الله، ويقرءون القرآن، فإذا أمر الإنسان بالمعروف ونهى عن المنكر، ودعى إلى الله، وقرأ القرآن زاد إيمانه، وإذا غفل أو عصى نقص إيمانه.
أما أهل البدع فإنهم خالفوا أهل السنة والجماعة في هذا، فالخوارج والمعتزلة يرون أن مسمى الإيمان كما يقول أهل السنة: قول باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالقلب وعمل بالجوارح، لكنهم يقولون: إذا ترك الإنسان واجباً من الواجبات ذهب عنه الإيمان كله.
وجمهور أهل السنة يقولون: الإيمان يزيد وينقص، وهم يقولون: لا ينقص، بل يذهب جملة أو يبقى جملة، وقالوا: الإيمان حقيقة مركبة، والحقيقة المركبة تزول بزوال بعض أجزائها، فإذا عصى الإنسان ربه كأن سرق أو زنا أو تعامل بالربا أو عق والديه فقد خرج من الإيمان وصار كافراً.
أما أهل السنة فيقولون: بل هو ضعيف الإيمان غير كافر، إذ لو كان الزاني كافراً لقتل، ولو كان السارق كافراً لما قطعت يده، بل لو كان كافراً لقتل، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:(من بدل دينه فاقتلوه)، ولما ورث من أقاربه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم) فالخوارج والمعتزلة وإن وافقوا أهل السنة في مسمى الإيمان إلا أنهم يخالفونهم في زوال الإيمان.
فالخوارج يقولون: إذا عصى الإنسان أو فسق أو ارتكب كبيرة ذهب الإيمان منه ودخل في الكفر، والمعتزلة يقولون: ذهب منه الإيمان ولا يدخل في الكفر، بل يكون في منزلة بين المنزلتين، فلا هو مؤمن ولا كافر، وهذا من أبطل الباطل.