المؤلف رحمه الله يبين الخلاف في الفاسق الملي، وهو: المؤمن العاصي الموحد، الذي وحد الله وأخلص له العبادة، ولم يقع في عمله شرك لكنه اقترف بعض الكبائر، أو قصر في بعض الواجبات، وهذا يسمى الفاسق الملي، وهذا هو الذي جاءت النصوص بإثبات الإسلام له ونفي الإيمان عنه، كقوله تعالى في سورة الحجرات:{قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا}[الحجرات:١٤]، وقوله سبحانه في سورة الذاريات:{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الذاريات:٣٥ - ٣٦]، وقوله سبحانه في سورة الأحزاب:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}[الأحزاب:٣٥].
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن سعد بن أبي وقاص:(أنه لما أعطى رجالاً وترك رجالاً قال سعد: وترك رجلاً هو أعجبهم إلي، قلت: يا رسول الله! ما لك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا؟! فقال: أو مسلماً).
وهذا الصنف من الناس فيه قولان لأهل العلم: القول الأول: أن الذين أثبت لهم الإسلام ونفي عنهم الإيمان، إنما هم المنافقون، فيكون الإسلام هو الاستسلام في الظاهر، وذهب إلى هذا الإمام البخاري وجماعة، وقالوا: لأن الإسلام هو الإيمان، والإيمان هو الإسلام.
القول الثاني: قول جمهور العلماء من السلف والخلف: أن هؤلاء الذين أثبت لهم الإسلام ونفي عنهم الإيمان ليسوا منافقين، وإنما هم ضعفاء الإيمان، وهذا هو الذي يسمى الفاسق الملي، وهذا هو الأرجح والأصوب.