قال المؤلف رحمه الله:[ويروى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم يكن يصلي على أحد حتى يصلي عليه حذيفة رضي الله عنه؛ لئلا يكون من المنافقين الذين نهى الله تعالى عن الصلاة عليهم].
وذلك لأن الله تعالى نهى عن الصلاة عليهم بقوله:{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}[التوبة:٨٤] وهذه الآية فيها النهي عن الصلاة على الكفار، وقد ذكر الله تعالى العلة في ذلك قال:{إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}[التوبة:٨٤] فمن علم كفره فلا يصلى عليه، ومن لم يعلم كفره فإنه يصلى عليه ولو كان فاسقاً، إلا أنه جاء في بعض الأحاديث أن النبي تأخر عن الصلاة على بعض الفساق، كالغال من الغنيمة، والقاتل نفسه، وغيرهم ممن جاء النص بأنه لا يصلى عليه، فإنه لا يصلي عليهم أعيان الناس ووجهاؤهم وعلماؤهم، ولكن يصلي عليهم بقية الناس؛ ليكون في ذلك تحذير للأحياء من أن يفعلوا ذلك فلا يصلى عليهم، ولكن يصلي عليه عامة المسلمين؛ لأنه مسلم.
والقاعدة في هذا: أنه من علم كفره فإنه لا يصلى عليه، ومن لم يعلم كفره فإنه يصلى عليه؛ لهذه الآية وهي قوله تعالى:{وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ}[التوبة:٨٤] ثم ذكر العلة فقال: {إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ}[التوبة:٨٤].
فكان عمر رضي الله عنه لا يصلي على أحد حتى يصلي عليه حذيفة، خشية أن يكون من المنافقين الذين نهى الله عن الصلاة عليهم، فإذا صلى حذيفة على شخص صلى عليه عمر؛ لأن حذيفة صاحب السر، أي: الذي أسر إليه النبي صلى الله عليه وسلم بأسماء المنافقين وأعيانهم.