[اتصاف الخوارج بقتل المسلمين وترك الكفار]
وكذلك معاوية، فكفروا الجميع؛ كفروا عثمان وعلياً ومعاوية، ولهذا تواطؤ الخوارج في ليلة واحدة على قتل ثلاثة، يقولون: إنهم زعماء الكفر، وانتدبوا لكل واحد واحداً من الخوارج، لقتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص، أما علي فإنه لما خرج إلى الصلاة وكان قد اختبأ له عبد الرحمن بن ملجم فقتله.
وأما معاوية فإنه جرحه وسلم، وأما عمرو بن العاص فإنه تخلف تلك الليلة فسلم، وهذا الذي قتل علياً رضي الله عنه يسمى عبد الرحمن بن ملجم وكان يرى أنه متقرب إلى الله، ويرى أنه فاز في قتله، وأنه رفع بها درجات، وهناك أبيات في مدحه يمدحه بها واحد من الخوارج ويقول: فاز بها عبد الرحمن درجات بقتله علي رضي الله عنه، وهذه عقيدة خبيثة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه مستحلين لقتله، قتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي منهم، وكان هو وغيره من الخوارج مجتهدين في العبادة، لكن كانوا جهالاً فارقوا السنة والجماعة].
هناك أبيات يقول فيها: يا ضربة من تقي ما أرد بها إلا ليبلغ من ذي العرش رضوانا.
إني لأذكره يوماً فأحسبه أوفى البرية عند الله ميزاناً وقد رد عليه رجل من أهل السنة والجماعة رحمه الله فقال: يا ضربة من شقي ما أراد بها إلا ليبلغ عند ذي العرش سخطانا أني لأذكره يوماً فألعنه ديناً وألعن عمران بن حطانا قال المصنف رحمه الله تعالى: [فقال هؤلاء: ما الناس إلا مؤمن وكافر].
هذا مذهب الخوارج وهو أن الناس قسمان: مؤمن أو كافر فقط، والعاصي أدخلوه مع الكافر.
وأهل السنة قسموا الناس ثلاثة أقسام أو أربعة أقسام: مؤمن محقق الإيمان، ومؤمن ضعيف الإيمان، وكافر، والمنافق الذي دخل في الإسلام ظاهراً، وعندهم أن المؤمن هو فاعل جميع الطاعات وتارك جميع المنكرات، والكافر هو الذي فعل الكفر أو فعل المعصية، فإذا قصر في بعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات فهو كافر، وهذا مذهب الخوارج.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [والمؤمن من فعل جميع الواجبات وترك جميع المحرمات، فمن لم يكن كذلك فهو كافر مخلد في النار، ثم جعلوا كل من خالف قولهم كذلك، فقالوا: إن عثمان رضي الله عنه وعلياً رضي الله عنه ونحوهما حكموا بغير ما أنزل الله وظلموا فصاروا كفاراً].
انتهى بيان مذهب الخوارج الذين يقولون: الناس قسمان: مؤمن وكافر، والمؤمن عند الخوارج من فعل جميع الواجبات وترك جميع المحرمات، فالإيمان عندهم: تصديق بالقلب، وإقرار باللسان، وعمل بالجوارح، مثل أهل السنة.
لكن يأتي بعد ذلك الفرق، فأهل السنة يقولون: إذا أخل ببعض الواجبات، أو فعل بعض المحرمات صار ضعيف الإيمان ولا يخرج بذلك عن الإسلام، وهم يقولون: إذا أخل ببعض الواجبات أو فعل بعض المحرمات فهو كافر مخلد في النار، ثم جعلوا كل من خالف قولهم كافراً، فكفروا عثمان وعلياً ومعاوية.
قالوا: لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله؛ ولأنهم ظلموا فصاروا كفاراً، فالظالم كافر، ومن حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر، فكفروا الجميع نسأل السلامة والعافية.