إن من الأصول المتفق عليها المعلومة من الدين بالضرورة أن الناس كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أصناف: مؤمنين باطناً وظاهراً، وكفاراً باطناً وظاهرًا، ومسلمين في الظاهر كفاراً في الباطن وهم المنافقون.
ولقد سرد المؤلف رحمه الله الآيات التي فيها بيان صفات المنافقين، وهذا الصنف من الناس كثيرون موجودون في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وما بعده من الأزمان إلى يوم القيامة، فإذا قوي المسلمون صار هناك منافقون يخفون كفرهم ونفاقهم؛ لئلا تقام عليهم الحدود؛ لأنهم لو أظهروا كفرهم قتلوا، فهم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، لكن في وقت ضعف المسلمين يعلنون كفرهم ولا يبالون، فوجود المنافقين يدل على قوة المسلمين في المجتمع، ولهذا لم يكن في مكة في أول دعوة النبي صلى الله عليه وسلم منافقون، لم يكن فيها إلا مؤمن أو كافر ظاهراً وباطناً، بل إن بعض المؤمنين يخفون إسلامهم بسبب إيذاء الكفار لهم.
فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وكثر الداخلون في الإسلام، ووقعت غزوة بدر، وانتصر فيها المسلمون انتصاراً عظيماً، وأعز الله جنده ورسوله والمؤمنين؛ أظهر بعض الناس الإسلام وأبطنوا الكفر، ممن في قلوبهم مرض من اليهود والمشركين.
ثم بين المؤلف رحمه الله أن الآيات التي فيها بيان صفة المنافقين كثيرة في القرآن العظيم، قل أن تجد سورة مدنية إلا وفيها شيء من صفاتهم.