للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[انكشاف أمر عبد الله بن أبي عند الصحابة]

قال المؤلف رحمه الله: [فقد كانوا يشهدون مع النبي صلى الله عليه وسلم مغازيه، كما شهد عبد الله بن أبي بن سلول وغيره من المنافقين الغزوة التي قال فيها ابن أبي: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} [المنافقون:٨] وأخبر بذلك زيد بن أرقم النبي صلى الله عليه وسلم وكذبه قوم حتى أنزل الله القرآن بتصديقه].

وهذه القصة رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما، فقد كان عبد الله بن أبي رأس المنافقين، يشهد مع النبي مغازيه، ويصلي معه، وكان أيضاً يشهد معه الجمعة، وإذا صلى الجمعة قام وخطب في الناس وقال: احمدوا ربكم على هذا النبي الكريم، أطيعوه واتبعوه.

ثم بعد غزوة تبوك قام وأراد أن يقول مثل الذي يقوله دائماً، فأخذه بعض الصحابة وقالوا: اجلس عدو الله، قد عرفنا أمرك، فخرج وهو يقول: أردت أن أشد أمره، فمنعني فلان وفلان.

وقد حدث في غزوة تبوك، أو غزوة المريسيع على خلاف أن قال عبد الله بن أبي: {لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ} [المنافقون:٨]، يعني: أنه هو الأعز والنبي صلى الله عليه وسلم هو الأذل، حاشاه، فسمع ذلك زيد بن أرقم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فكذبه قومه حتى شق عليه ذلك، فأنزل الله تصديقه في قوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ} [المنافقون:٨].

وهذا يدل على أن المنافقين يظهرون الإسلام، وهم مكذبون في الباطن، وهم يصلون الصلوات الخمس، لكنهم يتخلفون عن صلاة العشاء وصلاة الفجر؛ لأن صلاة العشاء والفجر في الظلام، ولا يراهم أحد ويخفون على الناس، وفي صلوات النهار يأتون، ويجاهدون مع النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي هذا الزمن وفي جميع الأزمان نرى المنافقين يعيشون بين المسلمين، ويصلون معهم، وهم على كفرهم ونفاقهم، فمتى حانت لهم الفرصة أظهروا نفاقهم وكفرهم، وهم في الخفاء يخططون لهدم الإسلام، والإضرار بالمسلمين.

قال المؤلف رحمه الله: [والمقصود أن الناس ينقسمون في الحقيقة إلى: مؤمن، ومنافق كافر في الباطن مع كونه مسلماً في الظاهر، وإلى كافر باطناً وكافراً].

فهذه هي أقسام الناس، وهذه الأقسام لا شك فيها، فقد دل عليها القرآن والسنة والإجماع، وهي معلومة من الدين بالضرورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>